أول فتاة مصرية تحصل على البكالوريا
الاصرار ..... التحدى .....العناد مع الثقة بالنفس هى صفات كانت لاول فتاة مصرية تحصل على شهادة " البكالوريا "عام 1907 م حين كانت هذة الشهادة من حق الطلاب الذكور فقط
لم تكن نبوية موسى و التى ولدت عام 1886 م مجرد فتاة مصرية ريفية عاشت فى القاهرة و لكنها رغم فقدها حنان الاب الذى لم تراه وكان ضابطا بالجيش المصرى و يعمل بالسودان وهى طفلة مدللة من والدتها و اخاها الذى يكبرها بعشر سنوات ، إستطاعت هذة الفتاة ان تحقق ذاتها و تصل الى ما تتمناه و تتعلم مثلها مثل اخيها
الاصرار ... كان عندما تعلمت حروف الهجاء من اخيها و قدرتها الهائلة على حفظ القصائد و معظم العلوم من اخيها الذى يدرس باحدى مدارس القاهرة و فى نفس الوقت رفضه متضامنا مع و الدتهما و عمهما التحاق نبوية بالمدرسة السنية حين بلغت الثالثة عشر من العمر ، و لكنها اصرت على التعليم و ذهبت سرا الى المدرسة و سرقت ختم والدتها لتقديم اوراقها وحتى تجبر المدرسة على قبولها جعلت الطلب بمصروفات فى حين كانت اغلب البنات يتعلمن مجانا فقد باعت اسورة ذهبية كانت ترتديها و بالفعل التحقت بالمدرسة السنية و حصلت على الشهادة الابتدائية عام 1903 ثم دبلوم المعلمات فى عام 1906 و اصبحت معلمة فى مدرسة عباس حلمى الابتدائية بمرتب 6 جنيهات
ومن هنا جاء التحدى .....حين اكتشفت ان مرتب زملائها من الذكور من خريجى مدرسة المعلمين العليا 13 جنيها فتساءلت على اى اساس هذة التفرقة ؟فقالت لها وزراة الاوقاف انها لم تحصل على البكالوريا
و عليه قررت نبوية موسى خوض معركة الحصول على شهادة " البكالوريا "و بالفعل كانت معركة ليس لاختبار مدى كفاءتها العلمية لنبل الشهادة و لكنها كانت حربا نفسة و معنوية لم تجد من يقف بجانبها سواء من زملائها او مديريها لكن كانت ثقتها بنفسها و امكانياتها بلا حدود حتى ان د. فلوب مستشار التعليم الانجليزى و الرجل القوى فى وزارة المعارف و صفها بانها " عنيدة "
و تقول نبوية موسى فى مذكراتها انها كانت تسمع باذنيها وهى تركب الترام بجوار اخيها دون ان يعترضها احد وهى فى طريقها لاداء إمتحان البكالوريا استهزاء الطلبة على هذة الفتاة التى تقدمت مثلهم للحصول على البكالوريا و تقول : كان شقيقى يصحبنى فى ذهابى و ايابى فكنا نجلس فى آخر عربة فى الترام حتى لا تتجه انظار الطلبة الينا و كانت احاديثهم تنصب علىّ فمنهم من اقسم على ضربى اذا فشلت و سقطت فى الامتحان ومنهم من قال ان سقوطها محتم و ما دخلت الامتحان الا لابداء جمالى و تبرجى
اما فى لجنة الامتحان فكان الامر يبدو صعبا على نبوية موسى فاللجنة تشكلت من ثلاثة مراقبين فرنسية و انجليزيتان كانت احدهما ناظرة مدرسة السنية التى تخرجت منها و لازالت الناظرة اثناء الامتحان تسخر من نبوية و تتوعدها بالرسوب المحقق
وعن حجرة الامتحان تقول نبوية موسى انها كانت واسعة جدا تسع لامتحان كل طالبات المدرسة و كانت تجلس بمفردها فى وسط الحجرة
وفى النهاية استطاعت نبوية موسى ان تقهر كل الصعاب و تحصل على شهادة البكالوريا و يكون ترتيبها 43 من 200 طالب على مستوى القطر المصرى و بالطبع هى الفتاة الوحيدة كان لنجاحها دويا كبيرا على صفحات الجرائد
اكدت نبوية فى مذاكرتها حبها للحرية و الاستقلال و العمل ومن ابرز مواقفها لتمردها على القيود هو موقفها من مناهج التعليم لاتها ترى ان اساس التعليم قائم على الاخذ " بالمنطق لا بالقواعد " لذلك لجأت الى تاليف مناهج دراسية خاصة بتلميذاتها و قد اعطتها الوزارة اجازة مفتوحة تفرغت خلالها لانشاء عدد من مدارس لتعليم البنات فى القاهرة و الاسكندرية و اصدرت مجلة إسبوعية " الفتاة " و لها مقالات بالاهرام تنتقد فيها سياسة التعليم
ومع زيادة مسيرة الحركة الوطنية عام 1919 نقلها الانجليز من الاسكندرية الى القاهرة فى قطار خاص بحجة خطورتها على مصالح الاستعمار و كانت معروفة بمهاجمتها لسياسة دانلوب
و كانت ضمن وفد نسائى مصرى ضم هدى شعراوى و سيزا نبراوى و نبوية موسى للمشاركة فى المؤتمر النسائى الدولى عام 1920
عاشت نبوية موسى معظم سنوات عمرها حنى وفاتها عام1951 فى الدفاع عن تعليم المراة و لها تاثير ها الواضح فى هذا المجال بل يمكن ان يقال انها قضت حياتها فى كفاح ضد الرجعية و الجهل التعليمى بشتى انواعه و لها كثير من المؤلفات و ديوان لقصائد شعرية
لم تستطيع اى فتاة الحصول على البكالوريا الا بعد 28 عام بعد حصول نبوية موسى على هذة الشهادة.
بقلم: مايسة السلكاوى