يقصد بتفسير العقود أو تأويلها محاولة التعرف على هدف المتعاقدين المشترك ومقاصدهم من خلال العبارات التي استعملوها في العقد للتعبير عن إرادتهم، وذلك أن القاضي عندما تعرض عليه النزاعات المتعلقة بمضمون العقود، فإنه يبحث عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين ويحاول التعرف على حقيقتها والعبارات التي يتضمنها العقد لا تخرج عن حالتين وهما:
* الحالة الآولى: أن تكون العبارات المستعملة في العقد واضحة الدلالة جلية المقصد، حيث نص الفصل 164 من ق.ل.ع على أنه إذا كانت الآلفاظ في العقد صريحة إمتنع البحث عن قصد صاحبها.
* الحالة الثانية: ( هذه الحالة هي التي تهمنا وتطرح إشكالات سنرى الحالات وكيفية التعامل من طرف القاضي مع العقود الغامضة او التي تحمل اكثر من معنى...) فإذا كانت العبارات المستعملة غامضة ولا تعبر عن قصد المتعاقدين، وعليه يجب على القاضي أن يقوم بتفسيرها ) العبارات( ليتوصل بذلك إلى معرفة إرادة المتعاقدين وغرضهم من العقد، ويعتبر العقد غامضا كما بين الفصل 164 من ق.ل.ع في الحالات التالية:
-4 أن تكون الآلفاظ التي تضمنها العقد مخالفة لغرض الوضع الذي قصده المتعاقدين ( كأن يقصد المتعاقدين عقد البيع والعبارات المستعملة او بعضها لا تحيل على البيع، ...)
-4 أن تكون الآلفاظ المستعملة غير واضحة الدلالة على المعنى المقصود، ولا تعبر عن قصد صاحبها تعبيرا كافيا، كأن ينص في العقد على أن زيد تنازل عن داره لأحمد ومكنه منها من غير أن يشير في العقد إلى وجه هذا التنازل هل هو بيع أو كراء أو هبة.
-3 أن تكون عبارات العقد متناقضة فيما بينها ( مثلا نجد عقد هبة لكن في طياته نجد المقابل المادي أو العيني يعني نجد تضارب بين مكونات عقد الهبة وعقد آخر(والقاضي في تفسيره لهذا الغموض والتضارب ملزم بالتقيد بالفصل 164 الفقرة الآخيرة التي تقول " عندما يكون للتأويل موجب ) الحالات الثلاث-للشرح( يلزم البحث عن قصد المتعاقدين دون الوقوف على المعنى الحرفي للألفاظ ولا عند التركيب"يعني القاضي لا يبحث عن معنى ألفاظ العقد ولو كانت غامضة فهو يتحرى قصد المتعاقدين من تلك الآلفاظ لا يهمه هل هناك خطأ في الصياغة ولا في الآلفاظ في تفسيره هو يبحث عن الغرض او الهدف من التعاقد وعن عناصر كل تعاقد هل هي متوفرة.
قواعد التفسير: لم يأمر المشرع القاض ي من خلال الفصل 164 السالف ذكره بأن يبحث في الهدف من التعاقد دون الآلفاظ ويتركه في المجهول يبحث عن قواعد وطرق للتفسير بل وضع له بعض القواعد التي يستعين بها على تفسير العقود الغامضة ونصت على هذه القواعد التفسيرية للعقد الغامض الفصول من 163 إلى 173 من ق.ل.ع. ومن أهم هذه القواعد نذكرها كالتالي:
القاعدة 1: إعمال الكلام خير من إهماله، وذلك أنه إذا كان بالإمكان حمل عبارة العقد على أثر أولى من حمله على المعنى الذي يجرده من كل معنيين، كان حمله على المعنى الذي يعطيه بعض خثر (مثال بسيط إن كانت عبارة في العقد تحتمل المعنيين نعمل بالمعنى الذي يحقق الهدف من التعاقد ومصلحة المتعاقدين).
القاعدة 2: يجب الآخذ بالمعنى الحقيقي للفظ 166( من ق.ل.ع) بمعنى لا ينبغي ان نعترف بالمجاز يعني عبارة على سبيل المجاز نبحث عن المعنى الحقيقي للكلمة ونأخذ به.
القاعدة 3: التنازل عن الحق يجب أن يكون له مفهوم ضيق، ولا يجوز التوسع في تفسيره وإعطاءه معنى أكبر، والعقود التي يثور الشك حول مدلولها، لا تصلح أساسا لإستنتاج التنازل منها من 167(ق.ل.ع). يعني لا ينبغي ان نتوسع في البحث لإستنتاج تنازل والعقود الي تطرح إشكالا حول مدلولها لا نستنتج أصلا التنازل منها. لأننا نحتاج معرفة إرادة المتعاقدين وهدفهم ورفع الشك والتضارب، إذ ذاك يمكن أن تصلح للإستنتاج منها تنازل عن حق.،مثال: لا يمكن قسمة مال متنازع فيه ومتضار حوله. عند معرفة الآشخاص المستحقين تصبح القسمة مشروعة وممكنة. فكذلك العقد لا يمكن أن نستنتج ونتوسع فيه ونبطل حقوق ونرتب إلتزامات على عقد به شك وغموض ودلالاته غير واضحة، عند توضيحها من طرف المتعاقدين اذا ذاك يمكن التنازل عن الحق.
القاعدة 4: إذا تعذر التوفيق بين بنوذ العقد وجب الآخذ بآخرها رتبة عند كتابة العقد ( من161 ق. ل.ع). مثال المتعاقدين في الفقرة الآولى من العقد اتفقوا على شرط ثم ألغوه أو غيروا مضمونه وأصبح شرط مخل بإلتزامات أخرى ثم وصلنا للفقرة الثالثة وجدنا شرطا يقتر من الآول ويلغي ما جاء في الفقرة الثانية هنا نبحث عن آخر اتفاق جاء في العقد يعني آخر اتفاق كتب في العقد نأخذ به ونعمل به.
حين أقول نعمل به يعني نعمل بآثاره وبإلتزام الآطراف به وهذه كانت قاعدة رابعة من قواعد لتفسير المنصوص عليها في الفصول 163 إلى 173 مم ق.ل.ع. ننتقل للقاعدة 5 من هذه القواعد التي هي ثمانية قواعد.
القاعدة 5: إذا ذكرت في العقد حالة تطبيق الإلتزام، فينبغي ألا يفهم من ذلك أنه قصد تحديدمجاله فيها دون غيره من بقية الحالات التي لم تذكر 164( من ق.ل.ع). أشرح كذلك هنا فمثلا في عقد بيع مشتري منه السيارة في العقد المشتري يقول عبارة " على أن تكون أبوا البيع شخص بائع سيارة و لسيارة تقفل بإحكام فإلتزام البائع لن يكون فقط بما تضمنه العقد من أبواب السيارة بل بكل السيارة لا يجوز له أن يقول أن المذياع لم يذكر في العقد ولا يجوز للقاضي أن يعمل بهذا المعنى " من بقية الحالات التي لم تذكر " فالمشتري ذكر شيء او أكد عليه في العقد ، بحيث أن ذكره لا يلغي ان الذي لم يذكر غير ملزم في العقد آثار المترتبة عنه إلا ما إستثني صراحة كأن أقول في العقد بل مضمون العقد يعمل به كله بإلتزاماته وأبيع السيارة بدون مذياع مثلا ويتم التعاقد وفق هذا الشرط
القاعدة 6: إذا ذكر في العقد مبلغ أو وزن أو قدر معين ونص فيه على ذلك على وجه التقريب يجب الوقوف على ما يتسامح به بين التجار أو عرف المكان ( 174 ق.ل.ع). مثلا في حرف تكون عبارات عرفية متداولة كأن نقول مئة وكذا وعشرين عبارة "كذا" لن يعرفها القا ي الذي يبحث عن التدقيق في المعنى هنا يتم البحث عرف هذه الكلمة بين التجار وان يتسامح فيه هذا المبلغ " كذا" بين المتعاقدين، أو عبارة مثلا حرفية "54 صوفة" لن يعرف القاضي معنى صوفة نبحث كذلك كقضاة عن عرف مكان التي تقال فيه ومعناها بالوزن أو المال أو القدر.
القاعدة 7: إذا كتب في العقد مبلغ بالأرقام والحروف وجب عند الإختلاف أخذ المبلغ المكتوب بالحروف ما لم يثبت الجانب الذي اعتراه الغلط 174(ق ل.ع). يعني إذا إختلف المبلغ المحدد في العقد، مثلا بالأرقم 44.444 درهم لكن بالحروف مئة ألف درهم يعمل القاضي ويأخذ بالثمن الذي كتب بالحروف أي مئة ألف هذا في حالة لم يثبت الغلط ويقر المتعاقدين أن الآمر يتعلق 44.444 درهم أو كان الثمن المكتوب مبالغ فيه على قيمة الشيء المبيع في عقد البيع مثلا.
القاعدة 8: إذا كتب في العقد مبلغ بالحروف عدة مرات، فإنه يؤخذ بالمبلغ الآقل ما لم يثبت الجانب الذي اعتراه الغلط 174(ق.ل.ع). يعني كان المبلغ بالحروف مكرر في العقد لكن متضارب ومختلف بين بنود العقد يأخذ القاضي بالمبلغ الآقل الذي احيل إليه في العقد مالم يثبت الغلط ويتم نعديل المبلغ. لكن إذا لم يتوصل القاضي بالرغم من هذه القواعد إلى تفسير العقد ورغم كل المحاولات في ترجيح معنى من المعاني التي يحتملها وجب التفسير لمصلحة المدين، وذلك من خلال ما إستقر عليه الفصل173 من ق.ل.ع حين نص على أنه عند الشك يؤول الإلتزام بالمعنى الآكثر فائدة للملتزم، وهذه القاعدة لا تطبق على بعض العقود كعقد الإذعان حيث تقضي بأن يفسر الشك فيها لمصلحة الطرف الضعيف .__