في أول سابقة في تاريخ القضاء بالمغرب وبالعالم العربي
أزيد من 2000 قاض يناقشون أشكال الاحتجاج ويوقعون وثيقة المطالبة باستقلالية قضاة النيابة العامة عن وزارة العدل
في سابقة تعد الأولى في تاريخ المملكة توافد على مدينة الرباط أزيد من 2000 قاض من بينهم حوالي 400 قاضية من كل ربوع المغرب استجابة لدعوة نادي قضاة المغرب أول جمعية مهنية مستقلة للقضاة تولد غداة المصادقة على الدستور الجديد لحضور مجلسها الوطني، الذي عرف مناقشة مجموعة من المواضيع في مقدمتها "تدارس ومناقشة مختلف الأشكال الاحتجاجية المقرر خوضها للضغط على الحكومة من أجل الاستجابة للمطالب والحقوق المشروعة والقانونية للقضاة وعلى رأسها تحسين الوضعية المادية والاجتماعية تنفيذا لمقتضيات الخطاب الملكي السامي بتاريخ 20 غشت 2009، والدفاع عن استقلالية السلطة القضائية".
وعرفت الجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني حضورا قويا ولافتا للقضاة من جميع أنحاء المغرب عكس بصدق قوة الجمعية المهنية لنادي قضاة المغرب بوصفها الجمعية الأكثر تمثيلا لهم، حيث شارك في الجلسة الافتتاحية أزيد من 2000 قاض، ضاقت بهم جنبات قاعة الندوات الكبرى بالمعهد العالي للقضاء، حيث بقي القسم الأكبر منهم بساحة المعهد يستمع للمداخلات عبر مكبرات الصوت التي تم الاستعانة بها لنقل مجريات هذا الحدث التاريخي. كما عرف اللقاء حضورا قويا للنساء القاضيات، فضلا عن حضور قضاة من الإدارة المركزية، وقضاة متدربين، وقضاة من محكمة النقض ومن مختلف المحاكم العادية والمتخصصة، ومن مختلف الدرجات.
وقد أكد رئيس نادي قضاة المغرب في كلمته أن هذه الدورة "ستشكل ثورة حقيقية في الفكر القضائي، من خلال ما ستخرج به من تصورات جديدة للقضاة تخالف الخطاب التقليدي السائد داخل الوسط القضائي".
كما أن الحضور القوي للقضاة من جميع أنحاء المملكة يؤكد التفافهم حول الملف المطلبي لنادي قضاة المغرب كأول جمعية مهنية مستقلة للقضاة تولد في ظل الدستور الجديد، وبوصفها الجمعية الأكثر تمثيلا للقضاة، و يشكل في حد ذاته شكلا من أشكال الاحتجاج ضد التسويف والمماطلة التي يعرفها التعامل مع الملف المطلبي للقضاة، مضيفابأن "الهدف من توجيه الدعوة لحضور القضاة للمجلس الوطني هو إعمال المقاربة التشاركية التي تميز طريقة أداء وعمل نادي قضاة المغرب".
وأضاف قائلا "القضاة أضحوا مطالبين بالمشاركة في الحراك المجتمعي بحراك قضائي يتطلب جرأة وشجاعة منهم للمطالبة باستقلال النيابة العامة عن وزير العدل، وفصل الرابط بينهما إذ لا يعقل القول باستقلال السلطة القضائية ونص الدستور عليها، وتبقى النيابة العامة تحت وصاية السلطة التنفيذية ".
و رصد السيد الرئيس حصيلة الفترة السابقة من عمل نادي قضاة حيث أشار إلى موقف النادي من المشاركة في الحوار الوطني لإصلاح العدالة، لافتا الانتباه إلى أن نادي قضاة المغرب سبق وأن تقدم بطلب مقابلة السيد رئيس الحكومة إلا أنه لم يلق أي استجابة.
وشهدت الجلسة الافتتاحية تقديم مجموعة من المداخلات لعدد من القضاة بمختلف المحاكم المغربية أجمعوا من خلالها على مبدأ الاحتجاج دفاعا عن استقلالية السلطة القضائية بكل تجلياتها، باعتبار الاحتجاج شكلا من أشكال حرية التعبير المكفولة لكل المواطنين على وجه العموم وللقضاة أيضا حسبما تؤكده الوثيقة الدستورية والمواثيق الدولية أيضا، وأضاف عدد من المتدخلين إلى ضرورة رد الاعتبار لمكانة القاضي المغربي في المجتمع من خلال تمكينه من الاستقلال الفعلي عن باقي السلط، كما تم استعراض بعض المعوقات التي تحول بين القاضي وأداء عمله وفي مقدمتها الاحساس بالظلم والتسلط والتهميش في مساره المهني نتيجة عدم اعتماد معايير الشفافية والموضوعية في أعمال المجلس الأعلى من خلال أسلوب اعادة الانتشار الذي تعرض لها الفوج 34 من القضاة والذي لم يتم تبريره لحد اليوم، فضلا عن طريقة تدبير المسائل المتعلقة بالتعيينات والترقية بالتكليف وطلبات الانتقال والبت في المسؤوليات، وتم الإشارة أيضا إلى التأخر اللامسؤول في صرف المستحقات المادية للقضاة المعينين حديثا لمدة تزيد عن 10 أشهر كما هو حال قضاة الفوجين 35 و36، الشيء الذي يزيد من تردي أوضاعهم المادية، كما تم التطرق بالمناسبة إلى مسألة تنقيط المسؤلين للقضاة وتجبر المفتشية وغياب أي معايير مضبوطة بهذا الخصوص.
وعرفت الدورة تقديم وثيقة المطالبة باستقلالية النيابة العامة عن وزارة العدل التي وقع عليها أزيد من 2000 قاض قدموا من كل أنحاء المملكة. حيث أكد السيد رئيس نادي قضاة المغرب بالمناسبة أن استقلال قضاة النيابة العامة عن السلطة التنفيذية يعتبر مدخلا أساسيا لاستقلال السلطة القضائية بالمغرب، قائلا "نحن نرفض بقاء جهاز النيابة العامة تحت وصاية وزير العدل تماشيا مع روح الدستور المغربي والتوجهات الملكية الرافضة لأي تأويل غير ديمقراطي لمقتضياته".
واستمرت أشغال الدورة الثانية للمجلس الوطني لنادي قضاة المغرب بجلسة مغلقة استمرت إلى حدود منتصف الليل خصصت لتدارس ومناقشة مختلف الأشكال الاحتجاجية المقرر خوضها للضغط على الحكومة من أجل الاستجابة للمطالب والحقوق المشروعة والقانونية للقضاة، والدفاع عن استقلالية السلطة القضائية، ابتداء من تاريخ 15/05/2012، وذلك على ضوء اقتراحات السادة القضاة الذين حضروا أشغال الجلسة الافتتاحية للمجلس والذين قاموا بتعبئة استمارة تتعلق بأشكال الاحتجاج المقترحة، وقد أصدر المجلس الوطني المنعقد في دورته الثانية بالمعهد العالي للقضاء بالرباط بيانه الذي جاء فيه:
"إن المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب المنعقد في دورته العادية الثانية بتاريخ يومه السبت 05 ماي 2012 ، والذي تجاوزت دلالات حضور جلسته الافتتاحية أزيد من 2000 قاض هبوا من أقصى المحاكم على طول خريطة الوطن، معاني اللقاء الإنساني، إلى تجسيد ملحمة قوية للتضامن تحمل أكثر من إشارة، إن على مستوى التعبير عن الجاهزية والتعبئة للإنخراط الواعي والقوي في كل الأشكال التي يمكن خوضها في سبيل تحقيق التوصيات المسطرة في المجلس الوطني الأول، من جهة، أو على مستوى التعبير عن ظروف العمل المزرية بالمحاكم، والوضعية الإدارية والمالية والاجتماعية للقضاة من جهة أخرى.
إن نادي قضاة المغرب وحرصا منه على حسن سير مرفق القضاء وقناعته باستنفاذ سبل الحوار أولا، بادر من خلاله مكتبه التنفيذي الى مراسلة السيد رئيس الحكومة لطلب الحوار على أرضية الملف المطلبي للنادي الذي توصل بنسخة منه، استبشر خيرا أيضا بلقاء مكتبه التنفيذي مع السيد وزير العدل والحريات لمسار الرجل المهني وباعه في المجال النضالي والحقوقي، كما كان حريصا على منح الوقت المعقول للحكومة حديثة التعيين للاستجابة لمطالب النادي خلال مدة زمنية قابلة للتحمل.
إلا أن واقع الانتظار الذي طال منذ الخطاب الملكي السامي لتاريخ: 20 غشت 2009 – دون الحديث طبعا عن الفترة السابقة له – بقدر ما راكمه من إحباط ناتج عن عدم تنفيذ مضامين خطاب ملكي واضح الدلالة لم يجعل من محل للمزيد من الانتظار.
إن المجلس الوطني بناء على المعطيات سالفة الذكر، واستحضارا لكون الأشكال النضالية ليست غاية في حد ذاتها، ولا هي تحديا لأي كان، ولا هي عرقلة لعمل جهة محددة، بقدر ما هي صرخة جماعية لقضاة أحبطهم التسويف وقتلتهم الانتظارية، وبعد المصادقة والمداولة في النقط المدرجة في جدول الأعمال يعلن ما يلي:
1. يحيي بكل حرارة الحضور القوي والوازن للقاضيات والقضاة من جميع المحاكم للجلسة الافتتاحية للمجلس الوطني ويعبر عن اعتزازه بمستوى الحماس منقطع النظير المعبر عنه من طرف الجميع.
2. يعلن عن خطة نضالية في حالة عدم الاستجابة للملف المطلبي تتمثل في الأشكال التالية:
- حمل الشارة.
- الإضراب عن العمل.
- وقفة احتجاجية أمام محكمة النقض.
- الاستقالة الجماعية.
بالإضافة لأشكال أخرى.....
3. يفوض للمكتب التنفيذي صلاحية الإعلان عن الوقت المناسب لتنفيذ البرنامج النضالي ابتداء من 15 ماي 2012.
4. يؤكد نادي قضاة المغرب بعد الرعاية الملكية السامية للحوار على مشاركته في جلسات الحوار الوطني على أرضية النقط المسطرة في توصيات المجلس الوطني خلال دورته الأولى، واستلهاما للمرجعيات الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية، مع اعتبار تحسين الوضعية المادية للقضاة ذات بعد قطاعي ينبغي معالجتها مع الجهات الحكومية ذات الصلة بالموضوع استنادا لخطاب جلالة الملك التاريخي ل 20 غشت 2009، وغير مرتبطة بأجندة الحوار الوطني.
5. يرجئ البت في باقي النقط المدرجة في جدول أعماله إلى مجلس وطني مقبل في تاريخ : 09 يونيو 2012".
موضوع: في أول سابقة في تاريخ القضاء بالمغرب وبالعالم العربي 
