P-Man مراقب عام للمنتدى'''
الجنس : مَدينتے• : فاس المشآرڪآت : 1525 نقاطي : 9012 سٌّمعَتي : 17 مِزَاجِے•: :
| موضوع: العدالة والإعلام : علاقات المباح والمحظور أو الحق في الإخبار والحق في الدفاع 12/3/2012, 15:18 | |
| العدالة والإعلام : علاقات المباح والمحظور أو الحق في الإخبار والحق في الدفاع تقديم :
تاتي هذه الدراسة حول العدالة والاعلام بعد ان تجشن الحديث عن العدالة كما تجشن عن الاعلام، وجمع بين شجون هذا الحديث الف بين وبين : الاصلاح، الاستقلال، التخليق، الحقوق والواجبات، الادوار والمسؤوليات، القيود والحريات، العولمة، التكنولوجيا والاعلاميات، التوازن المفقود والتعايش المنشود، الامال والالام، الاخفاقات والاحلام.
تأتي هذه الدراسة أيضا بعد ان تعددت احلام الإعلاميين عن عدالة الحرية إلى حد التواتر، وبعد ان تكررت احلام الحقوقيين عن اعلام الالتزام الى حد التكاثر وبعد ان برزت على الساحة بعض مشاهد الاعلام المضاد للعدالة وتراءت على الواجهة بعض مظاهر العدالة المضادة للاعلام.
فكل هذه المعطيات تغري الباحث بخوض غمار هذه الدراسة التي تحاول رصد العلاقات المعلنة والخفية الرابطة بين العدالة والاعلام بما تطرحه من اشكاليات قانونية ومجتمعية لا تخلو من الجدة ولا تعدم قدرا من الحدة، اشكاليات تمتاز براهنيتها من جهة بالنظر إلى الحضور المتزايد والتضخم المتصاعد في وثيرة التأثير الذي تمارسه وسائل الاعلام كسلطة رابعة تنافس بأخطوبطيتها الرهيبة باقي السلط التقليدية الأخرى، كما تمتاز بتشعبها من جهة أخرى وهو ما يفرض استشارة العشرات من المراجع والتشريعات المتنوعة والاجابة عن العشرات من التساؤلات المتقاطرة والمتلاحقة، تساؤلات ضخمة بحجم ضخامة الموضوع.
هل الاعلام والفعل الاعلامي حقوق ام واجبات أيضا ؟
هل الحق في الاعلام حق مطلق لا حدود له، ام ان الحق في الدالة له هالة كاريزمية تجعل وسائل الاعلام متوجسة من الإساءة إليه أو النيل منه؟
كيف يمكن فك الارتباط بين الحقين؟
ما اوجه الالتقاء وما اوجه الاجتفاء بينهما ؟ هل حين نفسح المجال أمام صخب الاعلام نهدد بشكل مباشر هدوء العدالة ووقارها؟ وهل حين نحمي السير الحسن للعدالة نحد بتعسف من الحق في الاعلام ؟
هل الاعلام والعدالة ضدان لا يلتقيان ام على العكس هما صنوان يتعايشان؟ هل من الصواب ان نعطي الأولوية لاحدهما على الاخر ؟ ام الأولى ان نضعها في كافة متوازنة وان لا نفضل بعضهما على بعض ؟
هل تطور الاعلام ونجاحه وانتشار وسائل الاعلام ورواجها يتوقف على خرق ثوابت العدالة ؟ ام ان حسن سير العدالة وفعالية اجراءاتها يرتبط بخنق مسام الاعلام ؟
ما هي الارضية التشريعية التي تضمن للمواطنين ممارسة حقهم في الاعلام كما تضمن لهم التمتع بحقهم في العدالة ؟
ما تضاريسها وما حدودها الجيوقانونية ؟
هل النصوص التشريعية المنظمة للحقين تشكل طريقا سيارا يمكن السير فيه من اجل الوصول إلى حماية حقيقية وفعالة لكلا الحقين ؟
ام ان الطريق تعتريه صعوبات وعراقيل تخلق جعودة من الصعب تذليلها وعقبات من العسير تعبيدها ؟
هل صحيح ان القيود القانونية الواردة على ممارسة العمل الاعلامي تعرقل عطاءاتها وتهدد ابداعيته وتحد من انطلاقيته، ام انها تعقلنه وتمنحه احترامية Respectabilité اكثر في عيون الجمهور والمتلقين ؟ ما هي الوسائل الكفيلة بخلق توازن قانوني وواقعي بين الحق في الاعلام والحق في العدالة ؟
لا شك ان الاجابة عن هذا الكم المتراكم و المتراكب من التساؤلات يقتضي اختيار خطة مدروسة تتوخى الكثير من الحذر لتفادي الشرود عن صميم الموضوع¡ بل ان الامر يستدعي السير الرشيق على صراط دقيق يوشك الحياد عنه ان يسقط في القلزمة والتعصب المهني الذي قد يشط بالبحث عن جادة الصواب ما دام ان المعرف عن المحامي انه اميل بطبعه إلى مناصرة ودعم الحق في الدفاع والحق في العدالة، مع ان المحامي كأي فرد من افراد المجتمع ياتي عليه حين من الدهر يجد نفسه يستجير بوسائل الاعلام من رمضاء التعسف القضائي والخرق القانوني الذي يمس حقوق الدفاع أو السير الحسن للعدالة، كما يجد نفسه حينا آخر في مواجهة مفتوحة مع بعض وسائل الاعلام التي تلهث وراء الاسترباح والسبق الصحفي المجاني، فتنتهج أساليب الاثارة والتشويق وتركن إلى حسابات المتاجرة والتسويق5، وتتغافل عن تقاليدها المهنية التليدة، فتهدر ابسط حقوق الدفاع وتلحق بالعدالة افدح الاضرار.
لذلك سنتناول الموضوع من خلال المحاور التالية :
فصل تمهيدي :
أولا : التعريفات الاولية والرابطة البينية :
الحق في الاخبار
الحق في الدفاع
3) الاعلام .
ثانيا " السلطة الاعلامية والسلطة القضائية : أية صلة ؟
الفصل الأول : منطق التآزر والتنافر في العلاقة بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع.
المبحث الأول : الجوانب الايجابية في علاقة وسائل الاعلام بحقوق الدفاع : أو منطق التآزر :
أولا : حرية التعبير ضمانة اساسية للحق في الاخبار وحقوق الدفاع.
ثانيا : وسائل الاعلام في خدمة حقوق الدفاع.
المبحث الثاني : مواقع الصراع بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع : أو منطق التنافر.
أولا : سرية التحقيق وقرينة البراءة.
ثانيا : علنية الجلسات والمحاكمة العادلة.
الفصل الثاني : الحق في الاخبار مع الحق في الدفاع أو البحث عن التوازن ؟
المبحث الأول : قراءة في تجليات التوازن القانوني.
أولا : الارضية القانونية للحق في الاخبار والحق في الدفاع.
ثانيا : القيود الواردة على الحق في الاخبار لفائدة الحق في الدفاع.
المبحث الثاني : كيف السبيل إلى خلق توازن اعلامي فعلي ؟
أولا : دور المشرع والاجتهاد القضائي
ثانيا : دور وسائل الاعلام وهيئات الدفاع.
فصل تمهيدي :
لا نرى بدا من هذا الفصل التمهيدي، لانه كفيل بخلق نوع من حسن الاستعداد لاستقبال الموضوع والمساعدة على استيعاب مفاهيمه وضبط تصوراته، حتى تكون الانطلاقة من البدء سليمة ومرتكزة على أرضية صلبة ذات حدود معلومة ومحددات مرسومة، ولا جرم ان المدخل الجيد كثيرا ما يفضي إلى مخرج أجود ونتيجة موفقة.
أولا : التعريفات الاولية والرابطة البينية :
" إذا أردت ان تتحدث معي فعليك ان تحدد مصطلحاتك ومفاهيمك"[1]. وإذا كانت البداية بالتعريف والتحديد هي البداية بالاصعب والاشق، فلا مفر من ذلك حتى نتمكن من استيعاب مضمون عنوان الموضوع: " الاعلام بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع"، فما معنى الحق في الاخبار ؟ وما المقصود بالحق في الدفاع ؟ وما المراد بالاعلام ؟ وما هي طبيعة الرابطة التي تربط الحق في الاخبار والحق في الدفاع .
1. الحق في الاخبار : أو بالاحرى الحق في الإعلام، هو حق معترف به عالميا، تعرفه كل الشعوب التي تؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فهو يعرف في بلدان امريكا اللاتينية واسبانيا ب El Derecho a estar informado وفي البلدان الانجلسكسونية بـ People's right to know وفي الدول الفرنكوفونية بـ le droit a L'information فقد اصبح معتقدا راسخا في المجتمعات الديمقراطية وفي الممارسة اليومية للصحافة الغربية، وباعتباره عنصرا اوليا لحرية الفكر فان الحق في الاخبار هو مضمن في الحق في حرية التعبير وحرية الصحافة التي وقع التنصيص عليهما كحقوق انسانية اساسية في كل دساتير الدول التي تسمى حرة… والحق في الاخبار يشهد تطورا تشريعيا دقيقا وملموسا… رغم ان بعض منتقدي هذا الحق قالوا عنه انه بدعة من اختراع الصحفيين ليس الا، لكي تنعم الصحافة ببعض الامتيازات التي لا تتمتع بها مؤسسات أخرى[2].
والحق في الاخبار يعني الحق المقرر لكل مواطن في استقاء الانباء والافكار واستقبالها ونقلها ونشرها باية وسيلة من وسائل الاعلام دون قيد الا ما نص عليه القانون بصراحة.
ومنبع هذا الحق هو النظام الديمقراطي الذي تكون فيه السيادة لجموع المواطنين، فالمواطن هو الذي يعطي بشكل أو باخر الشرعية للسلطات العامة، ولكي يتخذ قراره في اعطاء هذه الشرعية، لابد من الاعتراف له بحق اساسي هو الحق في الاخبار[3].
والهدف الكامل من وراء هذا الحق هو تمكين المواطن من ممارسة حقه الدستوري في مراقبة حسن اداء الحكومة وموظفيه للاعمال العامة الموكولة اليهم، عن طريق تزويد الرأي العام بكل الحقائق حول كيفية هذا الاداء في مختلف القطاعات[4].
اما المتمتع بهذا الحق فهو جمهور المواطنين وعموم الناس، ولعل هذا ما يميزه عن حرية التعبير وحرية الصحافة، وتجدر الإشارة إلى الرابطة الوثيقة بين هذا الحق وبين وسائل الاعلام، فهذه الأخيرة هي التي تمكن من ممارسته[5]. وبدونها لن يكون له أي معنى في عصرنا الحالي.
2. الحق في الدفاع : ان قراءة حرفية للفظة المركبة " الحق في الدفاع " تجعل مجموعة من الدلالات تقفز إلى الواجهة : منها الحق في تنصيب الدفاع أي المحامي أو الوكيل، ومنها الحق في الرد الذي هو حق معروف في مجال العمل الصحفي، لكن يظهر ان المقصود ليس هذا ولا ذلك، وانما المقصود هي حقوق الدفاع باعتبارها حقا أساسيا من حقوق الإنسان.
وحقوق الدفاع بجزئياتها وتفاصيلها الاجرائية يصعب تتبعها وتقريها وهي تختلف حسب الدول والانظمة القضائية، ولكن هناك كثير من نقط التقارب ومن معايير الدنيا التي تم تحديدها على الصعيد الدولي والتي تساعد على معرفة هاته الحقوق : مثل الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الدفاع التي انشات في 26 يونيو1987 في باريس، ووقعت عليها العديد من هيئات ونقابات المحامين، ومن بين الحقوق التي تم تعدادها في هذا النص - المرجعية نجد : الحق في حرية اختيار المحامي، حق الاتصال الحر به، وحق الاطلاع على الملف، والحق في الوقت الكافي لاعداد الدفاع، الحق في جلسة علنية وحضورية وحرية التعبير بالنسبة للمتهم ومحاميه. وكل هاته الحقوق تنبثق من مبادئ المساواة امام القانون، قرينة البراءة وضمانة المحاكمة العادلة التي تحيل عليها الاتفاقية صراحة[6].
وفي إطار سعينا نحو فك الارتباطات بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع، فاننا ميلا إلى التركيز سنكتفي بالالماع إلى امهات حقوق الدفاع دون الخوض في كل تفريعاتها، لذلك من الطبيعي ان نتحدث4 عن الحق في البراءة حتى تثبت الادانة وسرية التحقيق وعن الحق في المحاكمة العادلة امام سلطة قضائية مستقلة ومحايدة وعلنية الجلسات، ولعل هاته الحقوق بالاخص هي التي تبرز فيها العلاقة بين الحق في الدفاع والحق في الاخبار شاخصة ناطقة بكل تجلياتها الاجيابية والسلبية.
3. الاعلام : ان الاعلام هو شكل من اشكال الاتصال بالجماهير، وبالتالي يمكن تعريفه بانه : بث رسائل واقعية أو خيالية موحدة على اعداد كبيرة من الناس يختلفون فيما بينهم من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وينتشرون في مناطق متفرقة".
ويقصد بالرسائل الواقعية مجموعة من الاخبار والمعلومات والتعليمات التي تدور حول الأحداث وتنشرها الصحف وتذيعها الاذاعة المسموعة والمرئية، اما الرسائل الخيالية فهي القصص والتمثيليات والروايات والاغاني وغيرها من المبتكرات الفنية، التي قد ترتكن إلى الواقع وتنسج منه صورة فنية أو قد تكون من نسج الخيال[7].
وللاعلام عدة وسائل يصل من خلالها إلى الجمهور منها " الصحافة والمطبوعات والاذاعة والتلفزيون والسينما ولكل وسيلة من هذه الوسائل خصائصها ومميزاته[8]. وينبغي عدم الخلط بين الاعلام ككل والصحافة كجزء، فكثيرا من الابحاث القانونية لم تسلم من هذا الخلط، اذ يتم اختزال لفظة الاعلام في الصحافة فقط، ولعل ذلك ناجم عن تخلف تشريع الكثير من البلدان عن مواكبة التطور الهائل والثورة الانقلابية في وسائل الاعلام، وخاصة الاعلام السمعي البصري وخاصة التلفزة في العقدين الاخيرين، وهي طفرة غير متوقعة بالنسبة للمشرع الشيء الذي خلق شرخا كبيرا بين القانون والواقع، فالمشرع حينما نظم وسائل الاعلام استحضر اساسا تلك التي تعتمد على الطباعة - الصحافة - التي كانت مسيطرة انذاك، واغفل القدرات التواصلية للوسائل الأخرى التي تعتمد على الاذاعة والصوت - الراديو - أو على الصورة والعرض - التلفزة[9].
بعد هذه التعريفات الاولية نصل إلى الرابطة البينية التي تجمع في إطار الاعلام كل من الحق في الاخبار والحق في الدفاع، وهي رابطة تختزل معادلة صعبة يتجاذب اطرافها رقمين يحملان دلالات قانونية واجتماعية وسياسية وثقافية كبرى، وتطرح اشكالية عميقة المغزى وهي تموقع الاعلام بين فكي حقين إنسانيين هما الحق في الاخبار والحق في الدفاع. لكل منهما مبرراته ومؤيداته الواقعية والقانونية، فالاعلام لا قيمة له بدون الحق في الاخبار، ولكن في نفس الوقت لا مصداقية له بدون احترام الحق في الدفاع وبين هذا وذاك يبقى حل المعادلة رهينا بخلق توازن بديع تحكمه العقلانية وبعد النظر والدقة القانونية بين كل من الحقين.
ونكتفي بهذه الاشارة اللطيفة لان الرابطة البينية ستتجلى بما فيه الكفاية في صلب الموضوع وعبر تقسيماته.
ثانيا : السلطة الاعلامية والسلطة القضائية . أي صلة ؟
ان التقسيم المعروف في القانون الدستوري للسلط هو تقسيمها إلى ثلاث سلط : السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية، ولكن يجب التنبيه ان انحصار السلطات في ثلاث ليس شرطا لا مندوحة عنه، فقد كان دستور الصين لعام 1947 قبل الثورة الشيوعية يضيف بحكم تقليد وطني متبع سلطتين هما سلطة للرقابة التي تسهر على حماية الحقوق وسلطة التدقيق التي تسهر على شؤون الوظيفة العامة، وحتى الدول التي لا تزال دساتيرها تقتصر على تعداد السلطات التقليدية الثلاث فان تعبير السلطة التنفيذية فيها لم يعد مع ذلك تعبيرا كافيا لانها تنطوي على صور للسلطة متنوعة كالسلطة التنفيذية المحضة والسلطة التنظيمية والسلطة الإدارية …..
وفي أيامنا هاته تتخذ السلطة العسكرية شانا متعاظما - ليس فقط في الدول التي تتعرض لضغط الانقلابات او تخشى شرها فتتحاشاها عن طريق اعطاء العسكريين قدرا ملحوظا في تسيير الامور العامة - بل حتى في الدول التي تدعي الاستمساك بالديمقراطية التقليدية، ففي الولايات المتحدة الامريكية نفسها نرى السلطة العسكرية التي يرمز لها بكلمة " البانتغون" تفرض وجودها على التخطيط السياسي الخارجي[10].
ويلاحظ ان كثير من الكتاب المحدثين لا يتقيدون بتقسيم مونتسكيو للسلطات بل يضيفون إليها سلطة المناقشة ويعنون بها مناقشة القوانين في الصحف والمذياع وعن طريق المحاضرات ويقولون ان هاته المناقشة لها تاثير كبير في البرلمان … فأهمية وسائل الاتصال بالجماهير وخاصة الصحافة ظهرت بحكم تاثيرها في الرأي العام حتى اصبح
يطلق عليها اسم " صاحبة الجلالة" حينما كانا الملوك وحدهم اصحاب السلطة، فلما شاركتهم الشعوب السلطة بتطبيق نظرية فصل السلطات اصبح يطلق على الصحافة" السلطة الرابعة"… ولو رجعنا إلى الظروف التي ظهرت فيها تسمية الصحافة بالسلطة الرابعة لوجدنا ان الصحافة في ذلك الوقت وفي انجلترا بالذات كانت ذات تاثير قوي في الراي العام وفي الصراع بين الافكار الديمقراطية والقومية وبين سلطة الكنيسة والاقطاع… ولكن تكنولوجيا العصر الحديث أضافت إلى الصحف وسائل اعلامية أخرى - كما سبق القول - كالاذاعة والتلفزيون اصبحت تؤثر في الجماهير اينما كانت وتنقل إليهم الاخبار والافكار والصورة والرسوم مكتوبة مسموعة مرئية، فيصعب ابطال مفعولها أو عرقلة سبيلها إلى الجماهير داخل البلاد وخارجها[11].
فالصحيح الان هو ان الإعلام بكل وسائله هو الذي يمثل حقا السلطة الرابعة كيف ؟ ان نظريات الاعلام المعاصرة تدور حول ثلاثة انواع من الانظمة :
النظام الأول : تمثله النظم السياسية الليبرالية، فهناك تكون وظيفة الاعلام هي التعبير عن الراي العام ومؤازرته ومساندته، في مواجهة السلطة الحاكمة إذا أرادت ان تتخذ قرارات لا تتفق مع مجمل وجهات النظر والاتجاهات والمعتقدات السائدة في المجتمع. فهذا النظام يجعلك تصرخ كما تحب وتنادي بما تهوى وتنظم الاضرابات وتدبج المقالات ضد من تريد وما تريد.
النظام الثاني : تمثله النظم الشمولية التي تتخذ من وسائل الاعلام اداة للتعبير عن راي أجهزة الحكم وليس عن راي الجماهير. وتتولى نشر المبادئ والافكار والفلسفات التي يؤمن بها النظام الحاكم[12]. وهذا النظام يتاسس على فكرة انه ينبغي تحرير رغيف الخبز من سيطرة الرأسمالية لتتحرر تذكرة الانتخاب وتصبح المؤسسات السياسية المختلفة منتخبة بكامل الحرية، ولكن التطبيق قدم دائما رغيف الخبز وكمم الافواه بنسب ودرجات متفاوتة[13].
النظام الثالث : تمثله دول العالم الثالث التي تتذبذب فيها قوانين الاعلام بين الحرية والتقييد وبين الملكية الخاصة لوسائل الاعلام والملكية العامة، وهي تحتاج إلى التقنين الدقيق ووضع الحدود الفاصلة حتى يستطيع الاعلام في هذه
المجتمعات تادية دوره في التنمية… لان بعض الانظمة فشلت في تقديم رغيف الخبز وفي نفس الوقت اغلقت الافواه، فحرمت شعوبها الخبز وحرمتها من حقها في الصياح بانها جائعة .
ان اهم ما يميز الراي العام انه ديناميكي متغير وليس استاتيكيا أي مستقر وغير متحرك[14]. و كثيرا ما يكون الاعلام تعبيرا عن الرأي العام السائد، ويبرز كسلطة رابعة تؤثر في السلط الثلاث الاخرى، ويمكن ان تؤثر على السلطة التشريعية فتدفعها إلى اصدار تشريعات وقوانين جديدة أو تعديل قوانين موجودة، ويمكن ان تؤثر على السلطة التنفيذية عن طريق الضغط عليها لدفعها إلى مزيد من الانفتاح واشراك المواطنين في تسيير الشان العام، والاهم في موضوعنا من هذا أو ذاك هو علاقتها بالسلطة القضائية، فلا يجادل احد في ان أعمال السلطة القضائية وأنظمتها وما يرتبط بذلك من محاكمات واحكام وجلسات تأتي ضمن الاخبار الأكثر ترددا على صفحات الجرائد والمجلات والنشرات، وتغطي أيضا جزءا لا يستهان به من فضاءات برامج الاذاعة والتلفزة[15]. ولا يخفى ان السلطة القضائية هي التي تضمن الممارسة الفعلية لكل الحقوق والحريات بما فيها حرية التعبير وهي التي يمكنها ان تحد من الخروقات التي قد تطولها أو التعسفات التي قد تزامن استعمالها.
وتجدر الإشارة إلى ان أي انحراف في العلاقة بين السلطة الاعلامية من جهة والسلطة القضائية من جهة أخرى سيؤدي المجتمع ثمنه غاليا، اذ اننا سنشهد كيف يمكن للسلطة القضائية ان تتجاوز دورها وتتدخل للتحكم في الاداء الاعلامي والصحفي وبالتالي للحد من حرية التعبير وهكذا نص الفصل 6 مكرر بعدما وقع تتميمه بهذا النص الجديد على ما يلي :
" يجب ان يكتسي الاسم الذي اختاره من يقدم التصريح بالولادة… طابعا مغربيا تقليديا والا يكون اسما شخصيا اجنبيا أو اسما عائليا أو اسما مركبا من أكثر من اسمين أو اسم مدينة أو قرية أو قبيلة والا يكون من شانه ان يمس بالاخلاق أو بالنظام العام" وتكميم الافواه وكسر الاقلام واعتقال الافكار تحت ستار علل النظام العام والاخلاق والسير الحسن للعدالة، وسنشهد على الضفة الأخرى كيف يمكن للاعلام ان ينسى رسالته الاعلامية النبيلة وتقذف به الاهواء والتطلعات المالية المغرية ونشدان السبق الصحفي إلى الدوس على مبادئ الصدق وتحري الحقيقة، فيمارس تاثيرا خفيا أو ظاهرا على مسار العمل القضائي مما يضرب في الصميم مبدأ خالدا من مبادئ العدل وهو استقلال السلطة القضائية، فالقاضي ليس في النهاية الا فردا من افراد المجتمع يخضع بحكم انسانيته لما قد تمارسه عليه وسائل الاعلام من تاثير يضغط على عقيدته ويحور اعتقاده الصميم من خلال تصوير سير الراي العام في هذا الاتجاه أو ذاك.
الفصل الأول : منطق التآزر والتنافر في العلاقة بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع.
ان التامل في العلاقة بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع يجدها لا تستقر على حال، فهي تجنح تارة إلى المصالحة والتناصر، وتميل تارة أخرى إلى الاصطدام والتناحر، فأحيانا تدعم وسائل الاعلام حقوق الدفاع وتتصدى للخروقات التي تمسها بالفضح والاستنكار، حتى يخيل اليك ان الحقين ما وجدا الا ليتساكنا معا، وأحيانا أخرى تنقلب وسائل الاعلام ضدا على حقوق الدفاع وتذيقها كل اصناف الانتهاك والتجاوز وتؤلب الرأي العام ضدها، حتى يخيل اليك ان الحقين على طرفي نقيض.
المبحث الأول : الجوانب الايجابية في علاقة وسائل الاعلام بحقوق الدفاع أو منطق التآزر.
ان انتماء كل من الحق في الاخبار والحق في الدفاع إلى طائفة الحقوق الانسانية الأساسية يجعلهما يلتقيان معا من اجل الحفاظ على كينونتهما عن طريق الدفاع عن حرية التعبير التي تعتبر مصدر وجود الحقين معا، ورحمهما المشترك، وغيابها يجعل الحقين يدخلان في دائرة العدم، من هذا المنطلق نجد وسائل الاعلام تراعي في بعض الاحيان هذا الرحم المشترك، وتحفظ علاقة الود، فتساند حقوق الدفاع في الكثير من المناسبات التي تعاني فيها هاته الأخيرة المحن والصعاب.
أولا : حرية التعبير ضمانة اساسية للحق في الاخبار وحقوق الدفاع.
ان حرية التعبير لا يمكن فصلها عن حقوق الدفاع فبدونها لن يكون هناك دفاع، اليس الشرط الأساسي والرئيسي للدفاع هو فعلا حرية الكلمة المخولة للمتهم الماثل امام القضاء وحصانة الدفاع المخولة لمحاميه[16]. وإذا كانت حرية التعبير من الحقوق السياسية المنصوص عليها عالميا ودوليا والتي لا يكاد يخلو منها دستور من الدساتير، فان أي مساس بها يكون له اثار سلبية على حقوق الدفاع، اذ انه يحد من حرية المحامي في اداء دوره على الوجه الاكمل خاصة اثناء المرافعات … وهنا تطفو على السطح كلمة الحصانة، ذلك ان مهنة المحاماة لا يمكنها ان تمارس بدون حصانة قانونية وفعلية تحمي المحامي من كل الضغوط التي قد يتعرض لها من خلال قيامه بنشاطه المهني - وتضمن له حرية التعبير اللازمة والمسؤولة - وبهذا المفهوم فان حصانة المحامي ليست ما ينشده لنفسه وانما هي ضمانة للمتقاضي نفسه - ولحقوق الدفاع - اكثر من كونها امتياز للمحامي، فالمتابع في ملف لكونه قام بعمل مخالف للقانون أو عبر ان راي سياسي أو اجتماعي مس بحقوق جماعة أو افراد لا يمكنه ان يستفيد من محاكمة عادلة إذا كان محاميهم مكمم الفم مغلول اليد لا يستطيع كتابة الحق ولا النطق به[17]. والحق في الاخبار لا يمكن ان يمارس في غياب حرية التعبير والراي أي حرية استقاء الاخبار والتعبير عنها ونشرها وايصالها إلى الغير، وذلك له ارتباط وثيق بالديمقراطية كشكل من اشكال الحكم، والتي تقتضي اشراك الشعب في الحكم، ولا يكون ذلك الا عن طريق الاقرار بحرية الوصول إلى المعلومات والافكار، اما التضييق من نطاق حرية التعبير فلن يعني الا تكبيل وسائل الاعلام والتحجير على المواطنين وحرمانهم من ممارسة فعلية لحقهم في الاخبار.
وحاصل القول انه إذا كانت حقوق الدفاع في حاجة ماسة إلى حرية التعبير فان وسائل الاعلام احوج ما تكون لها أيضا. فحرية التعبير كلمة حبيبة إلى الحقين معا أي الحق في الاخبار والحق في الدفاع، وتشكل منبعا لهما معا، لذلك وجب ان يقفا معا متآزرين للدفاع عنها والدعوة إلى تكريسها.
ثانيا : وسائل الاعلام في خدمة حقوق الدفاع.
ان الوظيفة الدقيقة لوسائل الاعلام هي كونها وسيطا طبيعيا بين الحدث - هنا العمل القضائي - والمواطنين - فالاشخاص لهم حق اساسي في الاخبار رغم انهم ليسوا اطرافا مباشرين في القضية، ووسائل الاعلام هي الوسيلة التي تمكنهم من ممارسة هذا الحق[18]
وفي إطار ادائها لهاته الوظيفة فان وسائل الاعلام تساهم في تقوية وترسيخ التوازن الاجتماعي الذي يجب ان يتحقق عبر السلطة القضائية وكل السلط العامة في دولة دستورية وديمقراطية، وهذا يعود دون شك بالنفع على ذات السلطة القضائية وعلى وجه الخصوص على تقوية شرعية القضاة[19]، وزيادة الثقة في اعمالهم وانشطتهم واضفاء المصداقية على أحكامهم، فحينما لا تكون هنا محاكمة أو حينما تكون المحاكمات سرية فان وسائل الاعلام الحرة والمستقلة هي التي يمكن ان تضمن للمتهم احترام الحق الأساسي في محاكمة علنية 4. اما حينما تكون الجلسة علنية وتكون وسائل الاعلام حاضرة ناظرة .
فيمكن للدفاع ان يطمئن اكثر إلى ان حقوق الدفاع ستحترم وفي حالة العكس يمكنه ان يدين خرقها سواء قبل المحاكمة أو اثناء الجلسة ويكون دور وسائل الاعلام حاسما في تبليغ ذلك إلى الراي العام، والمراقبون الدوليون والصحفيون والمحامون الذين يحضرون بعض المحاكمات - غالبا السياسية - يعرفون جيدا الثقل الذي تمثله وسائل الاعلام المتواجدة في قاعة الجلسة.
فالدور الذي تضطلع به وسائل الاعلام في مجال احترام حقوق الدفاع لا يمكن إنكاره، يكفي هنا ان نستحضر قضية البستاني المغربي عمر الرداد وكيف استطاع دفاعه ذ. جاك فيرجس ان يعيد ملف قضيته إلى الواجهة حتى بعد إدانته، وكيف كان لوسائل الاعلام بمختلف اشكالها الدور الاكبر في ذلك عن طريق تسليط الاضواء على مختلف جوانب القضية وحشد تعاطف الراي العام معها وتاييد فكرة مراجعة القضية،
لذلك كان جاك فيرجس واثقا من نفسه حين قال : " الراي العام يدعمنا لانه فهم ان الطرح الرسمي غير صحيح، الحظوظ اذن تحالفنا "[20].
ويمكن ان نستحضر في هذا الاتجاه قضية دريفيس Dereyfusوقضية كالاسCalas، وقضية المراة الشابة التي حكم عليها بالاعدام في الامارات العربية لتفلت من ذلك في المرحلة الاستئنافية، فكثيرا ما يكون لوسائل الاعلام الفضل في اصلاح الكثير من الاخطاء القاتلة التي يقع فيها القضاء، كما يكون لها الفضل أيضا في فضح الخروقات والانتهاكات التي قد تطول حقوق الدفاع فتساهم بالتالي في تنوير الرأي العام وتنبيهه من اجل التصدي الجماعي لها، ويمكن ان نمثل لذلك بما قامت به الصحافة الوطنية في اثناء المحاكمات والاعتقالات التي مست بعض كبار المهربين ومروجي المخدرات والتي انتهكت فيها ابسط حقوق الدفاع، وكذلك الحملات الامنية التي تشنها بين الفينة والاخرى دوريات الأمن أو ما يسمى بلارافل وما يصاحبها من انتهاكات لحقوق الدفاع.
لذلك يظهر جليا ان عين الاعلام ضرورية لحسن سير العدالة واحترام حقوق الدفاع وكشف النقاب عن الانتهاكات التي قد تمسها ولذلك فان المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسان لا تردد في منح وسائل الاعلام وخاصة الصحافة " الدور اللازم لكلب الحراسة " " le rôle indispensable de chien de garde "[21] . ومع ذلك ورغم كل ما قيل فان علاقة التازر والتضافر هاته كثيرا ما تضمحل ويبهت بريقها في حماة صراع المصالح والمواقع بين وسائل الاعلام التي تعتبر نفسها وصية على الحق في الاخبار وبين حقوق الدفاع.
المبحث الثاني : مواقع الصراع بين الحق في الأخبار والحق في الدفاع أو منطق التنافر.
ان إيجابيات المصالحة والتساند بين الحق في الأخبار والحق في الدفاع كثيرا ما تتهاوى وتنهار امام منطق السوق ونفسية الربح والاسترباح التي تسيطر على وسائل الاعلام، والتي تجعلها تضحي بحقوق الدفاع من اجل مصالحها المادية والتجارية، لذلك نجد وسائل الاعلام تتمرس وتتحصن خلف مبدأ براق هو حرية التعبير، وتنصب نفسها وصية على الجماهير في ممارسة الحق في الاخبار، لتبرير تجاوزاتها وانتهاكاتها لحقوق الدفاع.
أولا سرية التحقيق وقرينة البراءة :
تنقسم المساطر المتعلقة بممارسة الدعوى العمومية بصفة عامة إلى نظامين : المسطرة الاتهامية La Procédure accusatoire والمسطرة التفتيشيةLa Procédure inquisitoire ولكل منهما خصائصه ومميزاته : فالاول يتميز بوجود سلطة اتهام تتحمل عبء اثبات ادعاءاتها، ودفاع حر وبنقاش علني وشفوي، فهناك يكون على النيابة العامة ان تقيم الدليل وتكون قرينة للبراءة في صالح المتهم إلى ان تثبت العكس، اما الثاني فيتميز بسرية البحث والتحقيق مع المتهم وكتابية المسطرة، مما ينعكس بالضرورة على قرينة البراءة التي تفقد كثيرا من بريقها بسبب الصلاحيات والسلطات الواسعة المخولة للشرطة القضائية والقاضي والنيابة العامة اثناء البحث والتحقيق والاستنطاق[22].
والواقع ان النظامين معا أي الاتهامي والتفتيشي قد عرفا الكثير من التلطيفات والتعديلات التي تحاول تفادي سلبيات التطبيق المطلق لهما، ولا أدل على ذلك من المرحلة السابقة على المحاكمة أي الاعدادية Pré- trial investigation فهي لا تكون علنية بصفة مطلقة حتى في الدول التي تاخذ بالنظام الاتهامي كالولايات المتحدة الامريكية، اما بالنسبة للانظمة القانونية التي تتبنى المسطرة التفتيشية فهي لا تخرج عن دائرة النسبية، فقد كان التحقيق في القانون الفرنسي سريا وكتابيا بشكل مطلق إلى ان عدل قانون تحقيق الجنايات الصادر سنة 1808 بقانون 8 ديسمبر1898 الذي يخول المحامي الحق في ان يحضر عند استجواب المتهم[23]. ونفس الشيء يمكن ان يقال عن القانون المغربي. ولعل ما يؤكد ان السرية المتحدث عنها هي سرية نسبية هو امكانية حضور المحامي فيها، فهي سرية بالنسبة للجمهور الذي لا
يجوز له الاطلاع عليها ويمنع عليه حضور اطوارها، ولكن الجمهور الذي يتمتع بحق انساني في تلقي الاخبار قد لا يستسيغ هذا المنع، ويعتقد بحسه الديمقراطي ان إجراءات التحقيق التي تتم في علانية اقرب إلى الحقيقة من تلك التي تجري في السر والخفاء، وربما يفوته ان سرية التحقيق تهدف إلى حماية البحث وايضا حماية المتهم نفسه من خلال تجنيبه الوشايات المفتراة لان اعلان المسطرة سيمس سمعته خاصة إذا كان متابعا أو متهما عن خطا، فمناط السرية وعلتها هي رغبة الوصول إلى الحقيقة... ففي جرائم الاتفاقات الجنائية قد تلزم السرية للتعرف على المساهمين فيها وتعقبهم القبض عليهم، وقد تؤدي العلانية في هذه الصورة إلى فرار المتهمين. وإذا كان المتهم من ذوي البطش والنفوذ وعلم بمجريات التحقيق فقد يقوم بالتأثير على الشهود الذين يزمع الاستماع إلى معلوماتهم، أو تمتد يده للعبث بادلة الجريمة التي لم تصل إليها بعد يد المحقق[24].
ولكن حب الاستطلاع والفضولية التي تميز وسائل الاعلام يجعلها تنصب نفسها وصية على الجمهور في ممارسة الحق في الاخبار، وتعطي لنفسها الحق في تجاهل سرية البحث والتحقيق فلا يكاد يمر يوم الا وتمنحنا الصحافة المكتوبة أو الاذاعة أو التلفزة هنا أو في الخارج دليلا آخر على النقص الجدي في تقدير ومراعاة حقوق الدفاع، كلما تعلق الامر بتزويد جمهور تتحكك به غريزة حب الاستطلاع، تزويده بخبايا وخفايا قضية قضائية أو على الاقل تباشيرها الاولية، سواء تعلق الامر بالتشكيك في نزاهة شخصية عامة أو ثري من الاثرياء أو الكشف عن فضيحة أو المطالبة بفتح تحقيق أو تسليط الضوء على شخص مشتبه فيه بارتكاب جريمة فظيعة، فوسائل الاعلام للاسف تقصي بسرعة كل ما من شانه ان يعرقل السبق الصحفي، وأمل تحقيق أعلى نسبة للسحب واكبر عدد المبيعات وتمرر كل ذلك تحت ذريعة حرية التعبير[25] والحق في الاخبار.
ولعل اكثر حقوق الدفاع تضررا من هذه الوضعية هو حق الإنسان في البراءة إلى ان تثبت ادانته، ولذلك قال مونتسكيو في كتابه " روح الشرائع" " إذا لم تؤمن براءة المواطنين فلن تؤمن حريتهم"[26] فمبدأ البراءة هي الاصل هو من الاركان الركينة لحقوق الدفاع الجنائي. فقد قال فولتير بخصوص قضية كالاس ان المهم " الا يعامل المتهم على انه مجرم"[27]. وقد كرس العمل القضائي هذا المبدا بالاعتماد على قاعدة " in dubio proreo" أي الشك يفسر لصالح المتهم [28] فلا نذيع سرا إذا قلنا ان هذا الحق هو من بين الحقوق الأكثر استهدافا من طرف وسائل الاعلام، ويمكن ان نضرب مثالا على ذلك بصحافة الاثارة بالمغرب، فبعض الجرائد تتنافس بالمناكب لتحقيق الجاذبية والاخبار أضحت نوعا من الفرجة، لانه لا يمكن لاستهلاك الاخبار الا ان يكون طوعيا وقد أحالت وسائل الاعلام البصرية قراءة الصحف إلى عملية مملة لدى كثير من القراء لذلك تسعى صحف الاثارة إلى اضافة مزيد من البهارات إلى الاطباق التي تقدمها [29]، وطبعا يكون ذلك على حساب قرينة البراءة.
وإذا كانت التشريعات في كل من المغرب ومصر وفرنسا تمنع النشر العلني لاي اخبار بشان تحقيق جنائي قائم، فان الامر اكثر صرامة في انجلترا اذ يعتبر فعل اذاعة تعاليق حول موضوع براءة أو ثبوت التهمة على المتهم الذي لم يصدر عليه حكم بعد أو الكشف عن ماضيه أو سوابقه العدلية يسقط تحت طائلة جريمة اهانة المحكمة " Contempt of court " ويمكن ان يؤدي إلى عقوبات قاسية بالنسبة لمرتكبيها، ويمكن ان نشير هنا إلى قضية Haich المشهورة والذي كان متهما بالقتل، ورغم انه تم في النهاية شنقه بعد ادانته، فان الحد الجرائد التي وصفته بكونه مصاص دماء " Vampire"قبل اصدار الحكم، وادعت انه مسؤول عن جرائم آخرى، تمت ادانة رئيس تحريرها بثلاثة اشهر نافذة والغرامة على الجريدة 10000 جنيه.
فخلف العلاقة الهادئة ظاهريا بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع يكمن الصراع بين وسائل الاعلام والسير العادي للعمل القضائي، ويمكن ان نستحضر هنا القرار الشهير الصادر عن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في 26 أبريل 1979، والذي يخص الصاندي تايمزSunday Times ويعرف باسم قضية تاليدوميد Thalidomide، فهذا الدواء الذي يوصف للنساء الحوامل نتج عنه تشوهات فظيعة للمواليد، فقامت الصاندي تايمز بنشر عدة مقالات خصصتها لهذا الملف، فتقدمت الشركة صانعة الدواء بطلب في مواجهة الجريدة ادعت فيه ان تصرفها يشكل اهانة للمحكمةContempt of court " وان الجريدة بنشرها لتلك المقالات تكون قد اصدرت احكاما مسبقة حول مسؤولية الشركة، فقامت المحكمة البريطانية بمنع نشر أي جديد حول الموضوع، ولكن المحكمة الاروبية لحقوق الإنسان اعطت الحق لليومية على اعتبار ان وسائل الاعلام تأخذ على عاتقها مهمة الاعلام ونقل الاخبار والافكار حول القضايا التي تعرفها المحاكم كما هو الحال بالنسبة لباقي قطاعات المصلحة العامة وقررت ان : " التدخل - الذي قامت به المحكمة البريطانية - لا يرتبط بضرورة اجتماعية ملحة لدرجة يمكن معها تقديم المصلحة العامة على حرية التعبير حسب المعنى الذي قصدته الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والحريات الأساسية فلا تكفي البواعث المثارة فهذا التقييد يظهر انه غير ملائم للغرض الذي وضع من اجله، فلا حاجة لمثل هذا التقييد في مجتمع ديمقراطي من اجل ضمان هيبة السلطة القضائية"[30].
ان الهدف الأساسي من سرية التحقيق وقرينة البراءة هو تفادي محاكمة صحافية " Newspaper" فوسائل الاعلام كثيرا ما نقمص شخصية القاضي في بعض القضايا ودور الحاكم في أخرى، فتسمح لنفسها باصدار الاحكام والتقديرات، رغم ان العناصر المعتمد عليها تكون ضعيفة وهشة بشكل لا يصلح لفتح ملف قضائي أو تحقيق، اما فيما يخص حق المتهم في تحديد موقفه من التهم الموجهة ضده بعد اعلامه بها والسماح له بأخذ الوقت الكافي اعداد دفاعه واثبات براءته، فكثيرا ما يتم خرق كل هذه الحقوق، فحينما يمنح حق الرد - على صفحات الجرائد مثلا - أو لنقل حينما يفرض كما هو الغالب فان المتهم لا يكون آخر من تكلم، وباختصار فان وسائل الاعلام تتجاهل حقوق الدفاع وخاصة مبدا البراءة هي الاصل لذلك كان البيردي روي Albert de roy على صواب حين قال : " في القانون المتهم بريء حتى تثبت ادانته، في اللغة المتهم مجرم حتى تثبت براءته، في لغة الصحافة المتهم مجرم[31]. ولكن في إطار سرية البحث والتحقيق فان السؤال يطرح حول من المسؤول عن خرق هاته السرية، هل هي وسائل الاعلام ام المكلفون بحفظ السر المهني؟ فبطريقة ظالمة يراد تجشيم الصحفيين عبء خرق سرية التحقيق، ولهذا أحدثت جنحة التستر على انتهاك سرية التحقيق، ولكن هناك اجماع على ان الصحفي ليس هو الذي انتهك السر لكونه لم يحتفظ به اصلا[32]. ولا ادل على ذلك من ان فقهاء المسطرة الجنائية الفرنسية التي هي اصل المسطرة الجنائية المغربية يعتبرون ان المادة 11 المتعلقة بسرية البحث والتحقيق لا تعني الصحفيين لانهم لا يباشرون أي اجراء في المسطرة، وانما تسري عليهم المقتضيات المنصوص عليها في قانون الصحافة[33].
ثانيا علنية الجلسات والمحاكمة العادلة.
" لا يجب فقط ان تحقق العدالة، بل يجب أيضا ان يشهد الناس تحققها. " justice must not only be done, it must also be seen to be done " [34] هكذا يقول المثل الانجليزي، ولا شك ان اجراء المحاكمة علنا تحت بصر وسمع من يشاء الحضور من الناس يجعل من الراي العام رقيبا على أعمال القضاء مما يحقق محاكمة عادلة ونزيهة تؤمن كشف الحقيقة والوصول إلى العدالة[35]. كما ان محاكمة المتهم بجلسة علنية يحضرها من يشاء من الأفراد يبث الطمأنينة في قلبه فلا يخشى من انحراف الإجراءات أو تأثير في مجريات الدعوى أو على الشهود فيها… وهذا يجعله يطمئن إلى تحقيق العدالة ومعرفة الحق في التهمة المسندة اليه، فضلا عن ان فيها حماية لذات احكام القاضي من احتمال انصراف الذهن إلى خضوعه لمؤثرات خارجية في قضائه ويقصد بعلنية الجلسة عقدها في مكان يجوز لاي فرد ان يدخله ويشهد المحاكمة بغير قيد الا ما يقتضيه حفظ النظام[36].
وعلنية المحاكمة تاخذ شكلين : فهي من جانب حق للفرد أي المتهم في ان يعرف ويعلم بالتهمة الموجهة إليه علانية حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه، ومن جانب آخر حق اجتماعي من اجل اعلام الجميع لممارسة مراقبة اجتماعية على السلطة القضائية. ومن زاوية اجرائية يمكن ان نعني بالعلنية الرسالة الاعلامية التي تمكن سلسلة من الأشخاص غير الأطراف في المحاكمة من تلقي الاخبار حول الشكل الذي يعمل به مسيرو القضاء في قضية معينة[37].
ولذلك فان علنية جلسات والمحاكمات لا تشمل فقط حضور من يشاء من العامة في قاعات المحكمة لمتابعة الجلسة، بل يمتد ليشمل حرية نشر جميع ما يدور جلسات المحاكمة من إجراءات في مختلف وسائل النشر[38].
وإذا كان الحق في محاكمة عادلة يختزل في حد ذاته عددا من الضمانات الاجرائية والقضائية التي تكفل سيادة القانون وفعالية القضاء، كالحق في الوصول إلى المحاكم والحق في اختيار الدفاع والحق في المحاكمة من طرف محكمة مستقلة ومحايدة ونزيهة وبشكل علني والحق في المحاكمة في اجل معقول[39]، فان السؤال الذي يطرح هو هل ممارسة الحق في الاخبار من خلال علنية الجلسات يمكن ان يمس حقوق الدفاع وعلى رأسها الحق في محاكمة عادلة، وبمعنى ادق هل تدخل وسائل الاعلام سيؤثر على عدالة المحاكمة ؟
ويزداد طرح هذا السؤال حدة في ظل الانظمة القضائية التي تعمل بنظام هيئة المحلفين،la jury ولعل ذلك يفرض استعمال سلسلة واسعة من التقنيات لضمان عدم تاثر هيئة المحلفين بالضغوط الاعلامية، وهذا ما يفسر الشعائرية المبالغ فيها للمحاكمة الجنائية الامريكية والتي اظهرتها بشكل واضح محاكمة سيمسون، وهو ما يبرر الانتقاء الدقيق للمحلفين الذي يدوم أياما وحتى اسابيع لمعرفة مدى تاثرهم بوسائل الاعلام، وهذا ما يفسر أيضا عزل المحلفين ومنعهم من الاتصال بالعالم الخارجي أو قراءة الصحف وهذا يطرح مشاكل كبرى إذا كانت المحاكمة تتطلب شهورا[40] وإذا كانت المحكمة الدستورية الاسبانية قد اكدت في غير ما مرة مبدا العلنية ودوره في ضمان الحق في محاكمة عادلة، كما هو الحال في القرار عدد 176/88 المؤرخ بـ 4 اكتوبر1988 والذي اكدت فيه : " ان مضمون ومحتوى الحق الدستوري في محاكمة عادلة يكمن في الضمانة المخولة للمتقاضين ضد عدالة سرية تتنصل من مراقبة الجمهور" واعتبرت ان " علنية المحاكمة في معناها الحقيقي هي مشاركة ومراقبة الجماعة للقضاء"[41]. كما قضت في قرار آخر : " ان علنية المحاكمة تحافظ على ثقة الجماعة La Confainza de la Comunidad في المحاكم " و" تشغل موقعا مؤسساتيا في دولة الحق والقانون يجعلها من شروط الشرعية الدستورية لمرفق القضاء"[42].
إذا كان هذا هو موقف القضاء الاسباني فان الموقف الانجليزي يبدو حذرا في التعامل مع مبدأ العلنية، ففي قرار لمحكمة لندن سنة 1993 تم الغاء محاكمة جنائية بدون احالة على اعتبار ان : " التغطية الاعلامية خلقت خطر إلحاق الضرر بالمدعى عليه، ولهذا السبب فان القناعات كانت غير سليمة وغير مرضية ويجب الغاؤها " وعللت عدم الاحالة للبث من جديد بكون " المحاكمة العادلة لا يمكن ان توجد بعد الذي حدث"[43].
ولكن الواقع يكشف ان الجمهور الذي له حق ولوج المحاكم ومتابعة المحاكمات يجد نفسه عاجزا بدنيا physically عن حضور كل المحاكمات ومتابعتها مباشرة في قاعات المحكمة، لذلك فان الصحافة تنوب عنه في ذلك وتعمل من اجل تفعيل حق الجمهور في الاخبار. The public's right to [44]. know وإذا كان للصحافة الحق في حضور المحاكمات شخصيا فان امكانية الحضور بكاميرات تلفزية يصطدم بالعديد من الاشكاليات القانونية رغم انه يبدو مناسبا اكثر لتفعيل الحق في الاخبار واعطائه بعد اعلاميا اكثر حيوية. فهل من حق وسيلة الاعلام المرئية أي التلفزيون ولوج قاعات المحكمة لنقل اطوار المحاكمات انطلاقا من حق الجمهور في الاخبار المرتبطة بمرفق القضاء ؟ ثم الا يهدد ذلك الحق في محاكمة عادلة ؟
بين التلفزيون وقاعات المحكمة :
ان أول ملاحظة يمكن ابداؤها في إطار التصور الاعلامي المحض في علاقته بالمحيط القضائي هو ان هناك فرقا كبيرا وشاسعا بين علنية العمل القضائي الشفوي التي يتم تحقيقها بواسطة وسيلة كتابية ( الصحافة) وبين العلنية التي يتم تحقيقها بوسيطة وسيلة سمعية بصرية. ومن زاوية قانونية فهناك أيضا فرق واضح بين القواعد المطبقة على المهني الاخباري الذي ياخذ ملاحظات حول سير المحاكمة لينشرها بعد ذلك، والقواعد المطبقة على كاميرا تلفزية تلتقط بالصورة كل ما يحدث داخل قاعة المحكمة سواء كان يهم أو لا يهم المحاكمة.
ان التلفزة إلى جانب كونها وسيلة للعرض، فهي تتميز دائما بمشهديتها « espectaculo » الجذابة، فالصورة تؤثر على الوعي الباطني أو ما يسمى بما تحت الشعور Subconscience للفرد المشاهد اكثر مما تؤثر على ذلك الذي يقرا أو يسمع، وبالتالي نكون امام حقيقة اجتماعية تنبئنا ان التلفزة هي وسيلة مغايرة ومختلفة بشكل واضح عن الصحافة… بمعنى انه لكي تدرك وتفهم ما تقول جريدة معينة فعليك ان تعرف القراءة أي ان المتلقي عليه ان يملك حد ادنى من الثقافة والتعليم وهذا ما لا تتطلبه مشاهدة التلفزيون[45].
وتجدر الإشارة إلى ان الصور التي نتلقاها في اجهزتنا التلفزية لا تعطينا فقط ما هو اساسي بل أيضا ما هو تكميلي بل وأحيانا غير ضروري للهدف الاعلامي، وإذا انتقلنا إلى المحاكمة فان ولوج كاميرا التلفزة قاعة المحكمة وقيامها بنقل تلفزي لوقائع الجلسة يعطي بعدا اعلاميا لا مثيل له، فمن الممكن ان نشاهد تقطيب القاضي لوجهه وكذا النظرة الاتهامية لممثل الحق العام والمجهود الجبار للمحامي كما يمكن ان نشاهد عكس ذلك كله، فالتلفزة تعطي للجمهور الذي - في غالبيته - ليس له تكوين قانوني ودراية متمرسة بالقانون تعطيه فكرة، وتمده بالاخبار التي تجعله يكون رايا حول اطوار المحاكمة ومجرياتها وكيف يسير العمل اليومي في مرفق عمومي هو مرفق القضاء.
ولا شك ان وجود كاميرا التلفزة في قاعة الجلسة ونقلها لما يروج فيها، يجعل تصرفات وطباع المشاركين والمتدخلين في صناعة العمل القضائي من قضاة وممثلي الحق العام ومحامين وشهود... مغاير بشكل كبير للحالة التي تكون فيها القاعة خالية من وجود كاميرا، وإذا كانت التلفزة كوسيلة اعلامية تبث ما يجب ان يعرفه الجميع لتفعيل الحق في الاخبار فان ذلك يطرح اشكاليات قانونية متعددة كيف ؟
ان نقل المحاكمات على شاشات التفلزة يثير بعض المسائل القانونية الشائكة ولعل على رأسها ملكية الصور الملتقطة بمناسبة المحاكمة، لمن تعود ملكية هاته الصور ؟ فحتى ان سلمنا بالطابع العمومي والعلني للمحاكمة والجلسات فهذا لا يعني عدم الاعتراف بالحق الخاص على الصورة المضمون لكل شخص طرف في المحاكمة وإذا كان المشرع المغربي لم يتدخل بعد لسد الفراغ حول هاته النقطة، إذ لا يوجد لحد الان نص قانوني يمنع مبدئيا عرض أو نشر صور الأشخاص الا في حالات ناذرة على خلاف بعض التشريعات الأخرى كالتشريع المصري الذي ينص صراحة على المنع [46] وحتى على فرض وقوع اذن بعرض هاته الصورة تثار مسالة من هو صاحب الملك وهو من يعود له حق المؤلف على المنصف بأكمله هل هي المحكمة ام القناة التلفزية[47].
ويثار اشكال آخر وهو هل نقل المحاكمة على شاشات التلفزيون لا يمس حقوق الدفاع وبالاخص حق المتهم في محاكمة عادلة ؟
فقد يرى المتهم أو دفاعه أن تواجد كاميرات التلفزة في قاعات الجلسة من شانه المساس بحقوق الدفاع وبالمحاكمة العادلة لانه قد يؤثر على القضاة أو قد يدفع الشهود إلى الارتباك أو عدم الصندع بالحق، أو قد يعطي للمحاكمة حجما اكبر مما تستحق، مما يجعل الجريمة المرتبكة تتفظع في نظر القضاة والراي العام رغم انها جريمة عادية، فاسلوب التضخيم والتهويل كثيرا ما يجني على المتهمين وحقوقهم.
لقد طرحت هاته المسالة على القضاء الامريكي اكثر من مرة، ولكن القرار المشهور لأعلى محكمة قضائية في الولايات المتحدة الامريكية المعروف بقضية Chandlerكان له وقع مدو في هذا الصدد، اذ انه كرس مبدا السماح لكاميرات التلفزة بولوج قاعات المحكمة حيث اعتبر ان " وجود كاميرا في محكمة ولاية فلوريدا لا يجرد الم
|
|
P-Man مراقب عام للمنتدى'''
الجنس : مَدينتے• : فاس المشآرڪآت : 1525 نقاطي : 9012 سٌّمعَتي : 17 مِزَاجِے•: :
| موضوع: رد: العدالة والإعلام : علاقات المباح والمحظور أو الحق في الإخبار والحق في الدفاع 12/3/2012, 15:21 | |
| المبحث الأول : قراءة في تجليات التوازن القانوني.
يعتبر الحق في الاخبار والحق في الدفاع حقين انسانيين لهما امتداد دولي كبير، وحضور عالمي مثير، ورغم ان أرضيتهما القانونية لازالت هشة وغير واضحة المعالم، فانها تصلح لان تكون منطلقا اوليا للحديث عنهما، وعادة ما تلجا التشريعات إلى فرض بعض المقتضيات والحدود ورسم خطوط حمراء يحظر على وسائل الاعلام تجاوزها حفاظا على حقوق الدفاع وتحقيقا لتوازن قانوني منشود.
أولا : الأرضية القانونية للحق في الأخبار والحق في الدفاع.
يجب ان نتفق أولا لحد الان انه لا يوجد لحد الان أي نظام قانوني صريح بشان الحق في الاخبار، فهذا الحق هو الان بصدد التمنظم ويزداد الوعي باهميته يوما بعد يوم، وسيأتي حتما اليوم التي يتم فيه التنصيص عليه بشكل واضح وصريح، فكل ما يوجد لحد الساعة هو الارضية القانونية التي تسمح بالحديث عن هذا الحق والمطالبة به، ونفس الشيء يمكن ان يقال عن الحق في الدفاع، فليس هناك نص قانوني وحيد يحصر حقوق الدفاع ويجمع شتاتها ويعدها عدا، وانما يقع استخلاصها من النظم القانونية الموجودة ككل، وفيما يلي نحاول ان نرصد بعض النصوص والمقتضيات القانونية العامة على الصعيدين الدولي والوطني التي تؤكد على وجود أرضية تشريعية لكل من الحقين تنم عن الرغبة في الاعتراف بهما وخلق توازن قانوني بينهما :
1. في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :
- فيما يخص الحق في الاخبار : تنص المادة 19 : " لكل شخص الحق في حرية الراي والتعبير ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الاراء دون أي تدخل، واستقاء الاخبار والافكار وتلقيها واذاعتها باية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية".
- فيما يخص الحق في الدفاع : تنص المادة 8 : " لكل شخص الحق في ان يلجا إلى المحاكم الوطنية لانصافه من أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون".
تنص المادة 10 : " لكل انسان الحق على قدم المساواة التامة مع الاخرين في ان ننظر قضيته امام محكمة مستقلة نزيهة نظرا عادلا علنيا للفصل في حقوقه والتزاماته واية تهمة جنائية توجه إليه".
تنص المادة 11 : " كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى ان تثبت ادانته قانونا بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه".
2. في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسة :
فيما يخص الحق في الاخبار: تنص المادة 19 : … 2 - لكل شخص الحق في حرية التعبير، وتتضمن الحرية في البحث عن المعلومات والافكار من كل نوع والحصول عليها ونشرها بدون اعتبار لاية حدود سياسة وبالشكل الذي يختاره الفرد .
3- ان ممارسة الحقوق المشار إليها في الفقرة 2 من هاته المادة تستتبع واجبات ومسؤوليات خاصة، فيمكن ان تكون موضوعا لبعض القيود التي يجب بالمقابل ان تكون محددة بشكل صريح بنص القانون وان تكون ضرورية : لـ :
أ ـ ضمان احترام حقوق أو سمعة الاخرين.
ب ـ حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة أو الاداب العامة".
- فيما يخص الحق في الدفاع : تنص المادة 14 : " كل الأشخاص سواسية امام القضاء. ولكل شخص الحق ان تنظر قضيته علنيا من طرف محكمة مختصة مستقلة ومحايدة… ويمكن اقصاء الصحافة والجمهور من حضور كل أو بعض اطوار المحاكمة لاعتبارات الاخلاق، النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي، أو حينما تتطلب ذلك مصلحة الحياة الخاصة للاطراف، أو حينما تقدر المحكمة للضرورة القصوى انه للظروف الخاصة للقضية فان العلنية والنشر سيلحقان الضرر بالاطراف المعنية…".
3. الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان :
- فيما يخص الحق في الاخبار : تنص المادة 10 :
"1 ـ لكل شخص الحق في حرية التعبير ويشمل هذا الحق حرية الراي وحرية تلقي ونشر الاخبار والافكار دون تدخل السلطات العامة وبدون اعتبار للحدود الجغرافية ….
ان ممارسة هذه الحريات التي تستتبع واجبات ومسؤوليات، يمكن ان تخضع لبعض الشكليات والشروط أو القيود أو المخالفات المنصوص عليها في القانون والتي تمثل في مجتمع ديمقراطي إجراءات ضرورية للامن الوطني… أو لضمان هيبة واستقلال السلطة القضائية".
ـ فيما يخص الحق في الدفاع : تنص المادة 6 : " لكل شخص الحق في ان تنظر قضيته بطريقة عادلة وعلنية وفي اجل معقول من طرف محكمة مستقلة ومحايدة… ولكن يمكن منع الصحافة والجمهور كليا أو جزئيا من ولوج قاعة الجلسات اثناء جريان المحاكمة لاعتبارات اخلاقية أو لاعتبارات النظام العام أو الأمن القومي في مجتمع ديمقراطي".
4. في الاتفاقية الامريكية لحقوق الإنسان :
- فيما يخص الحق في الاخبار : تنص المادة 13 :
1 ـ لكل انسان الحق في حرية الفكر والتعبير ويشمل هذا الحق حريته في البحث عن مختلف انواع الاخبار والافكار وتلقيها ونقلها إلى الاخرين دون اعتبار للحدود، وسواء ضفاهة أو كتابة أو طباعة أو في قالب فني أو باية وسيلة يختارها.
2 ـ لا يجوز ان تخضع ممارسة الحق المنصوص عليه في الفقرة السابقة لرقابة مسبقة، بل يمكن ان تكون موضوعا لفرض مسؤولية لاحقة يحددها القانون وتكون ضرورية من اجل ضمان :
أ ـ احترام حقوق وسمعة الاخرين
ب ـ حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الاخلاق العامة..."
فيما يخص الحق في الدفاع : حددت المادة 8 مجموعة من الضمانات القضائية لكفالة حقوق الدفاع من بينها : " ان لكل شخص الحق في محاكمة تتوفر فيها الضمانات الكافية وتجريها خلال وقت معقول محكمة مختصة، مستقلة ومحايدة تم تأسيسها وفقا للقانون".
5. في الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان :
ـ فيما يخص الحق في الاخبار : جاء في المادة 8 على ان :
" 1 ـ من حق كل فرد ان يحصل على الاخبار والمعلومات.
2 ـ يحق لكل انسان ان يعبر عن افكاره وينشرها في إطار القانون واللوائح".
ـ فيما يخص الحق في الدفاع : تنص المادة 7 على ضمان :
"1 ـ الحق في اللجوء إلى المحاكم المختصة بالنظر في عمل يشكل خرقا للحقوق الأساسية المعترف بها والتي تضمنتها الاتفاقيات والقوانين واللوائح والعرف السائد.
2 ـ الإنسان بريء حتى تثبت ادانته امام محكمة مختصة.
3 ـ حق الدفاع بما في ذلك الحق في اختيار محام.
4 ـ حق المحاكمة خلال فترة معقولة وبواسطة محكمة محايدة ".
6. في التشريع المغربي :
فيما يخص الحق في الاخبار : طبعا ليس هناك أي نص صريح بشان الحق في الاخبار، ويجب الاعتراف ان التشريع المغربي متخلف في هذا المجال، والدليل على ذلك هو ظهير1958 بشان قانون الصحافة بالمغرب الذي يشير فقط إلى الصحافة دون التطرق إلى باقي وسائل الاعلام ولا إلى حريتها، اذ جاء التنصيص في فصله الأول على ان : " الطباعة وترويج الكتب حران " ولكن يمكن الاستناد إلى الفصل 6 من الدستور الذي جاء فيه : " يضمن الدستور لجميع المواطنين :
1 ـ... 2 ـ حرية الراي والتعبير بكل اشكاله… "
ـ فيما يخص الحق في الدفاع : لا يمكن الادعاء ان هناك نصا جامعا لحقوق الدفاع كل ما هنالك انه يمكن الارتكان إلى العديد من النصوص التشريعية لاستخلاص الوجود القانوني لهاته الحقوق ومن ذلك ديباجة الدستور المغربي المراجع التي جاءت فيها : " انه إدراكا من الدولة المغربية لضرورة ادراج عملها في إطار المنظمات الدولية فانها تتعهد بالتزام ما تقتضيه مواثيقها من مبادئ وحقوق وواجبات وتؤكد تشبثها بحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا ". كما نص الفصل 5 من الدستور على ان : " جميع المغاربة سواء امام القانون ". ونص في فصله الثمانين على استقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية والذي يعد اكبر ضمانة لحقوق الدفاع. وكذا مجموع من الفصول القانونية في كل من المسطرة الجنائية والقانون الجنائي لا داعي لذكرها طلبا للاختصار …
ثانيا : القيود الواردة على الحق في الاخبار لفائدة الحق في الدفاع :
إذا كان ضمان الحق في الاخبار لجميع المواطنين يعد من دعائم المجتمع الديمقراطي، فيجب الا ننسى أيضا ان : " الحرية تكمن في القدرة على ممارسة كل ما لا يضر بالاخرين"[52]. ولذلك درجت مختلف التشريعات على وضع قيود وحدود لممارسة الحق في الاخبار وحرية التعبير، وذلك مراعاة لحقوق الدفاع المكفولة للغير، ورغم اختلاف حجم وقوة هاته القيود بين تشريع واخر، فان الهدف المشترك يبقى هو ايجاد توازن قانوني بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع .
1. الاخبار القضائية الممنوعة : يعد منع النشر العلني لبعض الاخبار القضائية احدى اهم التقنيات التي تستخدمها التشريعات لاقامة توازن بين ممارسة الحق في الاخبار وضمان حقوق الدفاع.
فالتشريع الفرنسي يمنع بمقتضى المادة 38 من قانون1881 في فقرتها الأولى نشر وقائع الإجراءات الجنائية قبل النطق بها في جلسة عمومية، والهدف من ذلك هو تفادي الاضرار بحق الدفاع المتمثل في مبدا البراءة هي الاصل لان من شان النشر ان يساهم في تكوين نوع من الراي العام المسبق، يصور المتهمين لهيئة المحلفين كمجرمين حقيقيين، [53] كما ان الفقرة الثانية من نفس المادة تمنع نشر الصور الفوتوغرافية أو النقوش أو الرسوم أو صور الأشخاص إذا كان الهدف منها هو العرض الكلي أو الجزئي لظروف بعض الجرائم، ورغم ذلك فان قاضي التحقيق يمكنه بطلب كتابي ان ياذن في نشر الوثائق الممنوعة[54]. ويمتد هذا المنع في التشريع الفرنسي ليشمل حتى المناقشات الرائجة في الجلسات لبعض الدعاوي المعدودة، ونفس المنع يطول المداولات الداخلية للمحاكم بخلاف الاحكام والقرارات التي يجوز مبدئيا نشرها شريطة عدم ذكر هوية واسماء الأطراف[55].
اما التشريع المغربي فهو لا يختلف كثيرا عن التشريع الفرنسي ان لم نقل انه نسخة طبق الاصل منه في هذا المجال، فقد تم بمقتضى الفصل 54 من ظهير1958 بشان قانون الصحافة في المغرب منع نشر وثائق الاتهام وغيرها من الوثائق المتعلقة بالمسطرة الجنائية أو الجنحية قبل تلاوتها في جلسة عمومية، وكذا نشر صور شمسية ونقوشات ورسوم وصور الأشخاص التي تكون الغاية منها التشخيص الكلي أو الجزئي لظروف جريمة أو جنحة قتل أو اغتيال أو قتل ابن لابيه أو امه أو قتل اب لابنه أو ام لابنها أو…. كما منع الفصل 55 من نفس الظهير نشر المرافعات المتعلقة بدعاوى اثبات الابوة والطلاق وفصل الزوجين وكذا المداولات الداخلية اما لهيئات الحكم واما للمجالس القضائية ولكنه اجاز نشر الاحكام القضائية.
الا ان التشريع المصري كان اكثر صرامة واكثر وضوحا في حماية حقوق الدفاع دون الاخلال بممارسة مسؤولة للحق في الاخبار فقد نصت المادة 8 من قانون سلطة الصحافة لسنة 1980 انه : " يحظر على الصحيفة تناول ما تتولاه سلطات التحقيق أو المحاكمة أو بشكل يؤثر على مراكز من يتناولهم التحقيق أو المحاكمة". فهذا النص يشكل حماية تشريعية واضحة لحقوق الدفاع في مواجهة الحق في الاخبار، ذلك ان الصحافة قد تقف موقفا عدائيا من المتهم وتحاول بشتى الوسائل الاضرار بمركزه القانوني في الدعوى بنشر ادلة الادانة دون الاحاطة الكاملة بظروف الواقعة، ولا شك ان هذا الاتجاه يؤثر تاثيرا سلبيا على موقف المتهم وحقوقه في الدفاع، ويعبا ضده الراي العام[56]. بل ان التشريع المصري لا يقف عند هذا الحد بل تجده يستعمل النصوص الزجرية لاقامة التوازن القانوني بين الحقين، اذ ان قانون العقوبات يتضمن العديد من المواد التي تحرم كل ما من شانه ان يضر من قريب أو بعيد بحقوق الدفاع كما هو الحال بالنسبة للمادة 186 من قانون العقوبات التي تعتبر من قبيل الجنح نشر ما من شانه التاثير على القضاة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بالتحقيق أو التاثير على الشهود أو التاثير في الراي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده، انطلاقا من كون تكوين الراي في قضية ما هو آخر مرحلة من مراحل استقصاء الحقيقة بشانها، ومن ثم فان التعجيل بالراي قبل ان يكشف التحقيق النقاب عن الحقيقة كثيرا ما يشوه الصورة الواقعية لمجرى الامور[57].
كما ان المادة 191 من نفس القانون قد احدثت جنحة نشر المداولات السرية أو النشر المحرف لمجرى الجلسات العلنية…
حق الرد والتصحيح : قد لا نضيف جديدا إذا قلنا ان تأثير وسائل الاعلام في الراي العام يزداد باستمرار، لذلك فان قيامها بنشر المعلومات والاخبار المتعلقة بمرفق القضاء قد يمس الغير باضرار فادحة، تؤثر على حقوقهم الأساسية في الدفاع أو على مراكزهم في دعوى أو تحقيق جار، والملاحظ ان حق الإنسان في ان يعتبر بريئا حتى تثبت ادانته يشكل اكثر حقوق الدفاع انتهاكا من طرف وسائل الاعلام، ولعل حق الرد والتصحيح يساهم في التخفيف من اثار هذا الانتهاك ويشكل أيضا احدى الاليات القانونية التي تستعملها التشريعات لايجاد توازن بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع.
ولقد ظلت السلطات في فرنسا ولوقت طويل تحتكر امتياز نشر بلاغاتها، ولكن هذا الامتياز سيقع التلطيف منه وتحويله إلى حق محدود في التصحيح. والتشريع الفرنسي الان ينظم حق الرد المكفول للافراد وحق التصحيح المكفول للسلطات العامة. وتجدر الإشارة إلى ان وسائل الاعلام التي ظهرت بعد الطباعة كالسينما والاذاعة و التلفزة تظل غير معنية بهذا النظام[58].
وقد افرد التشريع المغربي فصلين في ظهير1958 المتعلق بالصحافة هما الفصل 25 الذي قرر حق التصحيح المخول للسلطات العامة من خلال الزام مدير النشر ان ينشر مجانا وفي طليعة العدد المقبل من الجريدة أو النشرة بنفس الحروف الاستدراكات الموجهة من احد رجال السلطة العامة بشان أعمال تتعلق بوظيفته تكون الجريدة أو النشرة الدورية قد تحدثت عنها بكيفية غير صحيحة.
اما الفصل 26 فقد قرر حق الرد المخول لكل شخص ذكر اسمه أو اشير إليه في الجريدة أو النشرة الدورية، في ان تنشر ردوده خلال الثلاثة أيام الموالية لتلقيها أو في اقرب عدد، وفي نفس المكان وبنفس الحروف التي نشر بها المقال المردود عليه.
وتتأكد اهمية حق الرد سواء بالنسبة للافراد أو بالنسبة لحرية الصحافة، فهو بالنسبة للافراد بمثابة حق دفاع شرعي ضد ما قد ينشر في الجريدة ماسا بهم كما انه يؤكد حرية الصحافة ذلك ان حق الرد هو الوجه الآخر لحرية الصحافة ويستهدف درأ الشبهات أو الاتهامات عن الأفراد لتكوين الراي العام على اساس سليم، ذلك ان تصحيح الاخبار والمعلومات المنشورة في الصحف يساعد على ان يحدد الرأي العام مواقفه من الأحداث بصورة سليمة[59]. ويمارس حقه في الاخبار بصورة اسلم.
ولكن الصحافة قد تقاوم الممارسة المشروعة لهذا الحق وتؤخر نشره مما يفرغه من أي معنى . ورغم ذلك فهو يعتبر حقا من حقوق الدفاع المخولة للافراد لمواجهة انحرافات العمل الصحفي، حتى ان القضاء الفرنسي ممثلا في المحكمة الإدارية اعتبر في قرار له صادر في 26/1/1979 حق الرد : " بمثابة دفاع شرعي ويجد دعامته في ضرورة الحد من التجاوز الذي تمارسه الجريدة في الانتقادات" .
ثانيا : كيف السبيل إلى خلق توازن اعلامي فعلي ؟
ان التوازن القانوني يكشف عن جملة من الثغرات، ويظل وحده غير كاف لبلوغ توازن اعلامي فعلي، لذلك يتعين إمعان النظر من اجل تثبيت مرتكزات صلبة لسياسة تشريعية واعلامية متوازنة، ولا يكون ذلك الا عبر توزيع متكامل للادوار، وترتيب متدرج للمسؤوليات، وأيضا عبر ترسيخ ثقافة حقوقية جادة وواعية تساهم فيها كل فعاليات المجتمع المدني التي يهمها من بعيد أو قريب تحقيق التوازن بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع.
دور المشرع والاجتهاد القضائي :
لقد راينا كيف ان الوجود القانوني لكل من الحق في الاخبار والحق في الدفاع، لا زال يعاني من عدم الوضوح وتنقصه الكثير من الصراحة التشريعية لذا يبقى الدور التشريعي حاسما، فعلى المستوى الوطني، نجد ان الدستور المغربي رغم تنصيصه على ضمان حرية التعبير فان هذا يظل غير كاف، فاذا كانت الدولة الديمقراطية في حاجة إلى حرية التعبير فانها أحوج ما تكون إلى الحق في الاخبار الذي يعتبر مظهرا من مظاهر دمقرطة الحياة العامة ورغبة في اشراك جموع المواطنين في تسيير الشان العام عبر اتاحة الفرصة لهم للاطلاع على كيفية عمل المرافق العمومية التابعة للدولة وعلى راسها مرفق العدل والقضاء، لذلك يبقى تدخل المشرع امر ملحا بهدف التنصيص الصريح على ضمان الحق في الاخبار لكل المواطنين على السواء بدون استثناء[60].
اما فيما يخص الحق في الدفاع فان الوضع لا يختلف كثيرا، فعلى سبيل المثال فقط فان مبدأ البراءة هي الاصل الذي يعتبر حقا خالدا من حقوق الدفاع لا نجد له تجسيدا تشريعيا في أي نص من نصوص القانون المغربي كما ان الحق في محاكمة عادلة يلزم الباحث ان يتشجم عناء كبيرا لكي يستطيع ان يبرز
ملامح وجود هدا الحق بعد جمع شتات العديد من النصوص القانونية المتناثرة هنا وهناك، وهذا يضع على عاتق المشرع مسؤولية الحسم في الوجود القانوني للحق في الدفاع والتنصيص الصريح والمباشر على ضمانة دون تردد.
ولكن التنصيص التشريعي على كل من الحقين ليس هو سدرة المنتهى، بل لا بد من ان تتوفر لدى المشرع سياسة واستراتيجية واضحة بغية خلق توازن حقيقي بينهما، وفي هذا الصدد لا بد من الاعتراف بان الغرامات التي نص عليها المشرع المغربي في ظهير1958 المتعلق بالصحافة، في حالة خرق القيود الواردة على العمل الصحفي بشان الاخبار القضائية، أو في حالة انتهاك المقتضيات المتعلقة بحق الرد والتصحيح والتي تطرقنا إليها سالفا تظل غرامات جد زهيدة[61]. وليس من شانها الردع وضمان حماية فعالة لحقوق الدفاع، لذلك لابد من اعادة النظر فيها من خلال الرفع منها في حالة المخالفة، فغالبا ما يكون الباعث على التجاوزات الاعلامية هو البحث عن اكبر ربح وتحقيق أعلى نسبة للسحب والمبيعات، لذلك فان الغرامات المالية المرتفعة والحرمان من الارباح سيساعد في تاسيس حماية اكبر.
ومن زاوية أخرى يلاحظ ان التشريع الجنائي المغربي فقير في هذه الناحية إذا ما قورن بتشريعات أخرى كقانون العقوبات المصري، اذ من الصعوبة بمكان القول بان المشرع المغربي كان له انشغال بالحد من التجاوزات التي ترتكبها وسائل الاعلام ضدا على حقوق الدفاع، فكل ما هنالك هو نصوص عامة غير دقيقة، كالفصل 263 المتعلق باهانة موظف عمومي أو احد رجال القضاء والذي رغم نصه على ان ذلك يمكن ان يقع بأقوال أو إشارات أو كتابة بقصد المساس بشرف أو شعور أو الاحترام الواجب لسلطة القاضي، فانه لم يشر إلى الحالة التي يكون القصد من ذلك هو التاثير على القضاء أو على احكامهم. وكذلك الفصل 373 من ق ج المتعلق بالتاثير على الشهود والذي لا ذكر فيه للتاثير الذي قد تمارسه وسائل الاعلام ونفس الشيء يمكن ان يقال عن الفصل 376 المتعلق بالتاثير على الخبراء أو التراجمة.
لكن يجب علينا من باب الامانة العلمية الا نجحد وجود نص قانوني جد مهم وغالبا ما يقع تناسيه، وهو الذي تضمنه الظهير الشريف رقم 1.59.248 بشان تدابير تكميلية لظهير1958 المتعلق بقانون الصحافة، اذ يستفاد من صياغته
وجود حماية تشريعية لحق من حقوق الدفاع الأساسية الا وهو مبدا قرينة البراءة، ففي فصله الأول منع نشر أو اذاعة أو نقل كل ادعاء أو عزو باية وسيلة كانت [62]، ولو افرغ ذلك في صيغة الشك والارتياب يقصد منه شخص أو هيئات…. بشان أعمال تجرى عليها عقوبات جنائية قبل ان تعترف المحاكم بحالة اجرام مرتكبي هذه الاعمال، إذا كان النشر والاذاعة أو النقل قد انجز لغاية سياسية ومن اجل اثارة رد فعل من طرف الراي العام، وقد تصل العقوبة في حالة المخالفة إلى حد سنتين حبسا وغرامة عشرة ملايين فرنك حسب الفصل الثاني. وفي المقابل نجد نصا آخر تضمنه ظهير1958 يتضمن اهدارا فاضحا لكل من الحق في الاخبار والحق في الدفاع وهو الفصل 54 الذي عدد من بين الممنوعات من النشر الاخبار والمعلومات المتعلقة بالاعتقالات غير القانونية والاعتقال التحكمي، وهذا بدون شك لا يخدم لا الحق في الاخبار ولا الحق في الدفاع.
واذا كان خلق توازن حقيقي يمر عبر تدخل تشريعي يعالج كل الثغرات السابقة فان ذلك لا يحل المشكل، إذا ان دور الاجتهاد القضائي لا يقل اهمية عن دور التشريع، عن طريق محاولة التوفيق بين كل من الحق في الاخبار وحرية التعبير من جهة والحق في الدفاع من جهة أخرى دون مفاضلة بينهما، وذلك حسب ظروف كل قضية ومعطيات كل ملف، والخط الاسلم في هذا الصدد هو اعتماد ما تسميه المحكمة الأوربية بهامش التقدير
« Marge of appreciation » [63]، أي ترك السلطة التقديرية الكاملة للقضاة ليقرروا، نظرا لاختلاف الظروف والحاجيات والاوضاع في كل قضية قضية، طبعا مع مراعاة مصالح المجتمع في ظل تصور ديمقراطي يراعي كل الحقوق ويكفلها.
ويمكن ان نستحضر حكما للمحكمة الدستورية المصرية جاء فيه : " إذ اريد لحرية التعبير ان تتنفس في المجال الذي لا يمكن ان تحيى بدونه فان قدرا من التجاوز يتعين التسامح فيه، ولا يسوغ بحال ان يكون الشطط في بعض الاراء مستوجبا اعاقة تداولها، وتقتضي الحماية الدستورية لحرية التعبير بل غايتها النهائية في مجال انتقاد القائمين بالعمل العام ان يكون نفاذ الكافة إلى الحقائق المتعلقة بالشؤون العامة والى المعلومات الضرورية كاشفا عنها متاحا". وايضا حكم محكمة الكويت الكلية : " انه من المقرر ان لوسائل الاعلام على اختلافها وبصفة خاصة الصحافة دورا اجتماعيا مهما، فهي السبيل إلى اقامة وحدة معنوية بين افراد المجتمع، فهم يعلمون ان طريق هاته الوسائل بالامور التي تهم الجميع ويتاح لهم الاطلاع على قدر مشترك من القيم الاجتماعية، وقد ينطوي اداء وسيلة الاعلام هذه الوظيفة الاجتماعية على مساس باحد الأشخاص… بحيث يتبين ان اداء هذه الوظيفة غير ممكن في الصور التي تقتضيها مصلحة المجتمع بدون هذا المساس ترجيحا بين حقين احدهما اكثر اهمية من الاخر[64].
ويمكن ان نستحضر أيضا قرار المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان والذي جاء فيه : " إذا كان من الواجب على وسائل الاعلام الا تتجاوز الحدود من اجل الوصول إلى السير الحسن للعدالة فيجب عليها ان تبلغ الاخبار والافكار حول القضايا التي تعرفها المحاكم وكذا حول القضايا المتعلقة بقطاعات أخرى لها طابع الصالح العام ومهمتها في تبليغ الاخبار تنضاف إلى حق الجمهور في تلقي الاخبار.
ولكن الاجتهاد القضائي مطالب أيضا بتفعيل القيود الواردة على الحق في الاخبار لفائدة الحق في الدفاع، والتي كثيرا ما تتفنن وسائل الاعلام في التملص منها ومن ذلك الحق في الود الذي قد يجرده تعنت مدير النشر من أية قيمة قانونية كما ان ما قد يتلوه من تعقيبات قد يبطل مفعوله إلى حد كبير.
ويبقى الامل في الا يكون بعيدا ذلك اليوم الذي تصبح فيه محاكم العالم وقضاتها قادرة على حماية حرية التعبير وممارسيها ضد اشكال التعسفات التي قد تهددها[65]. وفي نفس الوقت ضمان حقوق الدفاع والتصدي لاي مساس قد يطولها من وسائل الاعلام بمختلف اشكالها.
2. دور وسائل الإعلام وهيئات الدفاع :
هنا نطلق من مبدا اساسي وهو ان حرية الصحافة وحرية الراي والتعبير والحصول على المعلومات - والاخبار - ونشرها بكل السبل مبدا رئيسي من مبادئ العمل الديمقراطي في كل زمان ومكان نصت عليه الدساتير وتحوطه القوانين باكبر قدر من الحماية والحصانة، حتى تتمكن - وسائل الاعلام - الصحافة من اداء رسالتها دون خوف وحتى يتمتع المواطن - باعلام وبصحافة و - بصحافة حرة وافكار واخبار متنوعة واراء متعددة، لكن الشرائع والدساتير والقوانين نصت أيضا على ان الحرية مسؤولية، وان الصحافة الحرة هي التي تتمتع باكبر قدر من مسؤولية الكلمة وتحافظ على شرفها من التلوث أو التلون وتحمي مسيرتها ومن الوقوع في فخاخ التشهير والتنصت والابتزاز والتربح وهذا كله لا يتحقق الا بالضمائر الحية والعقول المفكرة والسلوك القويم للعاملين في- الاعلام و- الصحافة حتى قبل القانون وعقوباته.
ودعونا نؤكد ان محاولة خلق أي توازن اعلامي فعلي بين الحق في الاخبار والحق في الدفاع سيكون مصيرها الفشل إذا لم تساهم فيها بنصيب كبير وسائل الاعلام، لذلك فان الجهود ينبغي ان تنصب في اتجاه تنشيط صحوة الضمير الاخلاقي والمهني وحث الاعلاميين على ضرورة التشبث بأخلاقيات مهنة الصحافة وتحري الصدق والامانة، والتركيز بوجه أخص على التحسيس باهمية مراعاة حقوق الدفاع والمصالحة معها بدل استعدائها وتربية الراي العام على خرقها والاستخفاف بها، ولا يكون ذلك الا عبر خلق جبهة مقاومة تتضمن لجان عمل مشتركة بين هيئات الدفاع ورجال الاعلام يكون الهدف منها هو توعية الاعلاميين بضرورة ضمان الحريات والحقوق الانسانية واحترامها وفي مقدمتها حقوق الدفاع وخاصة حق الإنسان في ان يعتبر بريئا حتى تثبت ادانته، والذي غالبا ما يكون هدفا مستمرا لحملات وسائل الاعلام، ولا شك ان هيئات الدفاع تحتفظ بعلاقات جدة طيبة مع رجال الصحافة والاعلام، بحكم الهدف المشترك الذي يجمعهم وهو الدفاع معا على المبادئ الديمقراطية المشتركة وعلى راسها حرية التعبير، وبحكم المساندة المكثفة والوقوف البطولي للمحامين إلى جانب رجال الصحافة اثناء المحن والمتابعات القضائية التي قد يتعرضون لها، ولذلك فان هيئات الدفاع عليها ان تستغل هاته العلاقة وتسعى إلى تطويرها نحو الافضل من خلال تنظيم الندوات وتكثيف الملتقيات بين رجال الدفاع ورجال الاعلام في افق منع الممارسات الاعلامية غير الاخلاقية واللاقانونية التي قد تمس حقوق الدفاع وتهدد وجودها.
كما ان الامتثال لادبيات مهنة الصحافة له دور وأي دور في تكريس حقوق الدفاع وحمايتها، لانها تؤمن نوعا من الرقابة الذاتية التي قد يمارسها الاعلاميون على انفسهم قبل الاقدام على نشر ما قد يمس بشكل أو باخر حقا من حقوق الدفاع ولكن الرقابة الذاتية ينبغي ان تكون لها ادبيات واضحة ومطبقة، لا ان تكون لها فقط صيغة اعلانية وشعاراتية، ولعل القانون الالماني له الزيادة في هذا المجال اذ انه يجعل مبدا البراءة هي الاصل من بين المبادئ التي على الصحافة احترامها ومراعاتها ويمنع اصدار الاحكام المسبقة أو التموقف المتحيز أو الضار سواء في صلب المقال أو في عنوانه .
لائحة المراجع المعتمدة :
- المراجع باللغة العربية :
1. د. عبد العزيز شرف : " المدخل إلى وسائل الاعلام". الطبعة الأولى 1980 دار الكتاب المصري – دار الكتاب اللبناني.
2. د. جابر جاد نصار : " حرية الصحافة : دراسة مقارنة" 1994 دار النهضة العربية القاهرة.
3. د. سيد محمد : " الصحافة سلطة رابعة كيف ؟ "1979 مطبوعات الشعب.
4. د. سعيد سراج : " الراي العام مقوماته واثره في النظم السياسية المعاصرة" 1981.
5. د. رمسيس بنهام : " الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية" منشاة المعارف الاسكندرية بدون تاريخ.
6. د. جندي عبد المالك : " الموسوعة الجنائية" المجلد الثاني. دار احياء التراث العربي بيروت لبنان بدون تاريخ.
7. د. مصطفى البارودي : " الوجيز في الحقوق الدستورية". الطبعة الثانية 1978.
8. د. حسن جوخدار : " اصول المحاكمات الجزائرية" الجزء الثاني : في المراحل الاجرائية التي تمر بها التهمة. مطبعة الإنشاء 1981-1982.
9. د. حسن صادق المرصفاوي في اصول الإجراءات الجنائية" طبعة 1982. منشاة المعارف بالاسكندرية.
10. " الحق في محاكمة عادلة " أعمال الندوة التي نظمها اتحاد المحامين العرب 1995.
11. هيئة المحامين بسطات : مقال : " دور المحامي في حماية حقوق الدفاع". منشور بمجلة المحاماة العدد 35 مايو1993 عدد خاص بالمناظرة الوطنية حول " حرية التعبير بين الصحافة والدفاع".
12. د. النقيب محمد الشهبي : مقال : " المقتضيات الجنائية والاعلام"، منشور بمجلة المحاماة العدد 37 دجنبر1994.
13. د. عبد العزيز النويضي : مقال :" الحق في محاكمة عادلة"، منشور بمجلة المعيار العدد 21 يناير1996.
14. د. عبد الوهاب الرامي : مقال :" صحافة الاثارة بالمغرب واشكالية الحرية"، منشور بمجلة الدراسات الاعلامية العدد 89 اكتوبر- ديسمبر1997.
15. د. محمد احمد الميداني : مقال : " حرية التعبير والراي في الاتفاقيتين الأوربية والامريكية لحقوق الانسان" منشور د. غنام محمد غنام : مقال : " الجوانب الاجرائية للدعوى الجزائية عن جرائم بالمجلة العربية لحقوق الإنسان العدد 4 فبراير1997.
16. السب والقذف بطريق الصحافة في القانون الكويتي"، منشور بمجلة الحقوق عدد 2 يونيو 1996.
17. د. صلاح حافظ : مقال : " شرف الكلمة وحرية الصحافة"، منشور بمجلة الدراسات الاعلامية العدد 89 اكتوبر- ديسمبر1997.
18. د. احمد ابو زيد : مقال :" الاعلام والراي العام"، منشور بمجلة عالم الفكر العدد 4 يناير -فبراير - مارس 1984.
19. مقالنا في جريدة الأحداث المغربية ملحق عدالة حول : " صعوبات الحماية القانونية لحق المؤلف"، العدد 74 في 15 يناير1999.
20. مقالنا في جريدة العلم صفحة المجتمع والقانون حول : تعليق صاحب المختبر صورة الزبون ليس جريمة"، العدد 17669 في 3 اكتوبر1998.
21. جريدة الأحداث المغربية ملحق عدالة : " عمر الرداد : العناصر الجديدة في الملف " العدد 62، 1 يناير1999.
-1 المراجع باللغة الفرنسية :
1. Roger Pinto : la liberté d'opinion et d'information : Contrôle juridictionnel et admlinistratif. Editions Domat. Montchrestien. 1955. Paris.
2. Gaston Stefani : Georges Kevasseur, Bernard Boulac : « Procédure Pénale » 16 édition .Dalloz 1996.
3. Essaid. M : « la présomption d'innocence » Editions la porte 1971 Rabat.
4. Pascal Maurer : « la liberté d'expression et les droits de la défense » xxxx congrès l'UIA. Madrid 4-8 Septembre 1996.
-2 المراجع باللغة الانجليزية
6. Daniel Soulez lariviere : "Investigation, freedom of the press and the right to a fair
trail" .xxxxx congress of the UIA. 1996.
7. Jim Goodale : access by T.V to U.s courtrooms, after D. J what happened to the
blacklach". xxxx UIA congress Madrid 1996.
8. Jhon cary sims : "Defending Free speech in a world of conflicting National
Standarts". Thursday. September 5, 1996 Madrid. Spain.
-3 المراجع باللغة الاسبانية :
9. Manuel Aragion Reyes : "Independencia judicial y libertad de expresion" Madrid, Spain. 1996. xxxx Congreso
10. Pedro Crespo De Lara : " Derecho a la informacion : Periodismo de investigacion ». xxxx Congreso de la UIA. 1996.
11. Agoumi Azzeddine : « La liberted de expresion y los derechos de la defensa xxxx congreso de la UIA. Madrid 1996.
12. Tesdoro Gonzalez : « El Derecho a la infromacion : la publicidad de los juicios en los medios de comunicacion » Jornada Sobre : la justicia y los medios de comunicacion. Congreso de la UIA Madrid 1996.
[1] قولة شهيرة للفيلسوف الفرنسي فولتيرVoltaire
[2] pedro Crespo De lara : « derecho a l'information : periodismo de investigation » p : 1
[3] Teodoro Gonzalez: " El derecho a la informacion: la publicidad de los juicios en los modios de communicacion » p :3.
[4] ذ. النقيب محمد الشعبي : مقال : المقتضيات الجنائية والاعلام، مجلة المحاماة العدد 37 دجنبر1994، من 54.
[5] Teodoro Gonzalez : L'article susvisé p : 3
[6] Pascal Maurer : « la liberté d'expression et les droits de la défense » ps : 4 et 5.
[7] ذ. عبد العزيز شرف ز " المدخل إلى وسائل الاعلام" ص 26.
[8] د. عبد العزيز شرف : المرجع السابق ص 27.
[9] Teodoro Gonzalez : l'article précité p: 14
[10] د. مصطفى البارودي : الوجيز في الحقوق الدستورية، الصفحات 141 و142 و143.
[11] د. محمد سيد محمد: " الصحافة سلطة رابعة كيف ؟ ص 4 و5 و7.
[12] د. احمد ابو زيد : " الاعلام والراي العام" مقال منشور بمجلة عالم الفكر العدد 4 سنة 1984 ص 916
[13] د. محمد سيد محمد : المرجع السابق ص 17 و18 و30.
[14] د. سعيد السراج : " الراي العام مقوماته واثره في النظم السياسية المعاصرة " ص 10.
[15]2: Manuel Aragon Reyes : " Independencia judicial y libertad de expression" p
[16] Pasal Maurer : l'article précité
[17] هيئة المحامين بسطات : المناظرة الوطنية حول " حرية التعبير بين الصحافة والدفاع مجلة المحاماة
عدد 35 ص 222
[18] Teodoro Gonzaler : l'article précité p 13.
[19] 4 : Pascal Maurer : l'article précité P -
[20] جريدة الاحداث المغربية، ملحق عدالة عدد 62 فاتح يناير1999 ص 8.
[21] Pascal Maurer : l'article précité P :8
[22] Essaid. M : " La présumption d'innocence" Ps : 27-28 et 29.
[23] د. جندي عبد المالك، " الموسوعة الجنائية " المجلد الثاني ص 244
[24] د. حسن صادق المرصفاوي : المرصفاوي في اصول الاجراءات الجنائية" ص 355.
[25] Pascal Maurer : L'article précité P : 8 et 9.
[26] - د. عز الدين اكومي : " قرينة البراءة " مقال منشور ضمن أعمال الندوة التي نظمها اتحاد المحامين العرب تحت عنوان " الحق في محاكمة عادلة " ص 35.
[27] Pascal Maurer : L'article précité P :6
[28] Essai. M. : L'ouvrage précité P : 61
[29] د. عبد الوهاب الرامي : مقال " صحافة الاثارة بالمغرب واشكالية الحرية " منشور بمجلة الدراسات الاعلامية عدد 89 ص 149.
- Pascal Maurer : L'article précité P : 15
[30] Teodoro Gonzalez : L'article susvisé p : 10
[31] Teodoro Gonzalez : L'article susvisé p : 9.
[32] Aggoumi Azzedine ; « la libertad de expression y los derechos de la defensa » p : 18.
[33] Gaston Stefani, Georges lavasseur, Bernard boulac : "Procédure Pénale " p : 502
[34] د. عادل عمر الشريف : قراءة مبسطة في ضمانة المحاكمة المنصفة في قضاء المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان وقضاء المحاكمة الدستورية العليا في مصر " منشور ضمن ندوة اتحاد المحامين العرب حول المحاكمة العادلة ص 133.
[35] د. حسن جوخدار : " اصول المحاكمات الجزئية " الجزء الثاني ص 522.
[36] د. حسن صادق الموصفاوي : المرجع السابق ص 372.
[37] Teodoro Gonzaler ; L'article précité p. 12.
[38] د. حسن جوخدار : المرجع السابق ص 256، طبعا مع استثناء الحالات التي تستوجب عقد جلسة سرية.
[39] انظر مقال : الحق في محاكمة عادلة للاستاذ عبد العزيز النويضي منشور في مجلة المعيار عدد 21 الصفحات 22 و24 و31 و33.
[40] Daniel soulez Lariviere: "Investigation Freedon of the press and the right to a fairtrail" P : 2
[41] Teodoro Gonzalez : L'article précité. Ps : 11 et 12.
[42] Manuel Aragon Reyes : Independencia y libertad de expression" p.5.
[43] Daniel soulez Lariviere : " l'article précité, p : 3.
[44] Jim Goodale : Access by T.V to U.S courtrooms after O.J What happened to the backlash » p : 3
[45] Teodoro Gonzaler : L'article précité. P : 15
[46] مقالنا في جريدة العلم العدد 17669 في 3 اكتوبر1998 في صفحة المجتمع والقانون حول" تعليق صاحب المختبر صورة الزبون ليس جريمة".
[47] لمزيد من التفاصيل انظر مقالنا بجريدة الاحداث المغربية عدد 74 في 15 يناير1999 بملحق عدالة حول موضوع : " صعوبات الحماية القانونية لحق المؤلف".
[48] Jim Goodale : L'article précité P : 2
[49] Gaston Stefani et c : L'ouvrage précité P : 685.
[50] Teodoro Gonzaler : L'article précité ps : 18 et 20
[51] Teodoro Gonzaler : L'article précité ps : 18 et 20
[52] Pascal Maurer / L'article précité p : 4.
[53] Roger Pinto : la liberté d'opinion et d'information : contrôle juridictionnel et contrôle administratif p : 110
[54] Roger Pinto :L'ouvrage survisé ps : 111, 112 et 113.
[55] Roger Pinto : L'ouvrage précité ps : 111 et 113.
[56] د. جابر جاء نصار : المرجع السابق ص 157.
[57] د. رمسيس بهنام : " الجرائم المضرة بالمصالح العمومية " ص 504.
[58] Roger Pinto : L'ouvrage précité, ps : 163
[59] د. جابر نصار : المرجع السابق ص 173.
[60] ونتمنى الا يقتصر الامر على التنصيص الاعلاني Déclarative بل ان تصاحبه كل الضمانات الضرورية لتفعليه.
[61] تتراوح بين 30.000 فرنك و2.000.000 فرنك.
[62] والملاحظ ان المشرع استعمل في هذا الفصل الفاظ النشر والاذاعة والنقل مما يفيد انه يعني بذلك كل وسائل الاعلام وليس فقط الصحافة.
[63] د. محمد امين الميداني : مقال " حرية التعبير والرأي في الاتفاقيتين الأوربية والامريكية لحقوق الإنسان"، منشور بالمجلة العربية لحقوق الإنسان العدد 4 ص 93.
[64] الحكمين معا مشار اليهما في مقال بمجلة الحقوق الكويتية العدد 2 ص
[65] Agomi Azzeddine : L'article précité p :8
الاستاذ يوسف وهبي محام بهيئة المحامين - الجديدة
|
|