لقد حرص جلالة الملك محمد السادس منذ توليه عرش المملكة المغربية على نهج سياسة الإنفتاح على المستويين الداخلي والخارجي بإعتبارها منهجا قويما للحكم وعصريا يقوم على المواكبة والتتبع والسهر على حسن سير مؤسسات الدولة والدفاع عن مصالح البلاد، وذلك من منطلق أن جلالة الملك هو رئيس الدولة وممثلها الاسمى ورمز وحدة الأمة وضامن دوام الدولة وإستمرارها...، وهذه السياسة جعلت من المغرب ورش مفتوح على الاصلاحات الهيكلية التي تروم إعادة الثقة للمواطن في مؤسسات الدولة من خلال نهج أساليب حديثة في التدبير قائمة على المشاركة والاشراك والتشارك
. أما على المستوى الخارجي فالمغرب يعد من الدول التي استطاعت ان تكسب ثقة المنتظم الدولي وحصلت على مراتب متقدمة في التعاون مع كبريات الدول والتي تشيد دائما بمستوى العلاقات التي تربطها بالبلاد، ومستوى الثقة التي تحظى بها، كما يعد المغرب من الدول التي دعمت الحكومات الجديدة التي جاءت بعد ثورة ما سمي بالربيع العربي أو الربيع الديمقراطي، ومنها ثورة تونس التي سقط على إثرها رئيسها الأسبق زين العابدين بن علي، وفي سياق بناء الدولة التونسية الشقيقة وإعادة هيبتها وإستقرارها، وأيضا في اطار الاخوة الصادقة بين المغرب وتونس جاءت الزيارة الملكية التاريخية لهذه الدولة لمد جسور التعاون والشراكة في إطار إلتزام المغرب الدائم بالمساهمة في بناء اتحاد مغاربي قوي، وهي الزيارة التي لن ينساها المواطن التونسي، خصوصا ان توقيتها كان استراتيجيا لعب دورا بارزا في منح صورة واضحة على ان تونس استرجعت عافيتها الاقتصادية واستقرارها الامني الذي ولا شك يعد اكبر محفز لجلب الاستثمارات الداخلية والخارجية.
وعرفت هذه الزيارة التي أتت بدعوة من الرئيس التونسي ابرام العديد من اتفاقيات الشراكة بين البلدين همت العديد من المجالات، وذلك لإعادة الروح في الاقتصاد التونسي الذي تأثر كثيرا بتداعيات الثورة، وتبرز هذه الاتفاقيات المكانة التي تحظى بها تونس لدى المغرب، وذلك منذ سنوات خلت عرفت تعاون كان دائما يصب في بناء وتقوية سرح الدولتين وتدعيم مكانتهما بإعتماد القواسم المشتركة بين البلدين والاستفادة من التجارب والامكانيات البشرية واللوجستيكية في تحقيق رفاهية المواطن التي تأتي عبر الرفع من مستوى التنمية، وذلك من خلال الاستفادة من القدرات الذاتية والاستغلال الانجع للثروات الوطنية، لكن هذا التفاهم والتعاون المثمر بين البلدين الذي يشهد التاريخ والواقع على صلابته، حاولت جهات التشكيك فيه من خلال نشر الاشاعات الكاذبة لزعزعة الثقة بين البلدين، هذه الاشاعات التي واجهها البلدين بذكاء جعلت مروجيها يخرجون للعلن ليصرحوا بشكل واضح عن نواياهم السيئة، ويعتبروا ان المغرب يقوم بإستفزازهم بهذه الزيارة التاريخية التي سيتحدث عنها حتى الاحفاد في تونس، وذلك لما لها من دلالات قوية على وقوف المغرب ودعمه الدائم للثورة في تونس من أجل بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون.
وفي سياق العلاقات المتوثرة بين المغرب وجارته الجزائر التي لا تدخر جهدا في معاداة المغرب، وذلك بالمبالغة في القراءة الخاطئة والمتعمدة الرسمية التي تحاول ان تمنحها لكل تحرك مغربي لدعم أشقائه في دول شمال افريقيا، وتعتبر ذلك تحركا غير مرغوب فيه وتتهجم على البلد الذي يحرص عاهله في كل خطبه على تخصيص حيز لتجديد الدعوة لفتح الحدود، وتجاوز الخلافات الوهمية التي يخسر بسببها البلدين الشيء الكثير، خصوصا في ظل تنامي التهديدات الارهابية على البلدين، لتعتبر الجزائر دائما ان المغرب بدعوته المستمرة لتجاوز المشاكل يأتي من استشعاره بحجم الخسائر التي يتكبدها من الخلاف معها، والحال ان الجزائر تدرك جيدا قيمة المغرب في المنطقة وموقعه الاستراتيجي ومستوى علاقاته مع الدول الكبرى والمؤسسات الدولية التي تتابع عن كثب تطور البلد، وما لذلك من تأثير ايجابي او سلبي على الجزائر، هذا التأثير الذي يختلف بحسب توسيع مجال تعاون البلدين او استمرار الخلافات وتوسع دائرتها.
إن تعنت الجزائر وعدم استجابتها لفتح الحدود يعد دليل على هذا الادراك الواعي لمكانة المغرب التي تستفز قادتها، وذلك ما يجعلهم يأخذوا موقف العداء الدائم من المغرب، وهو الامر الذي جعل وسائل الاعلام في الجزائر تعتبر زيارة العاهل المغربي لتونس استفزازا للجزائر، وذلك بدل التنويه بالحس التضامني الذي يقدمه المغرب للدول الشقيقة والصديقة لاسترجاع استقرارها، وان تعمل على مد يدها للتعاون والتشارك وتجاوز الخلافات العقيمة لبناء اتحاد مغاربي قوي يحقق ما عجزت عن تحقيقه كل دولة داخل الاتحاد، هذا الاخير الذي اصبح ضرورة تمليها التطورات الظرفية والاقليمية، والمرتبطة اساسا بتحول العالم الى تكتلات وبناء الاقطاب لمواجهة كل التحديات، لاسيما ان هذه المنطقة مهددة أمنيا من طرف الجماعات الارهابية التي تنشط بها والتي لها امتدادات دولية يمكن ان يتصدى لها التنسيق والتعاون الامني بين دول الاتحاد المغاربي.