أعداد من مجلة إدماج الخاصة بإدارة السجون و إعادة الإدماج
العدد الأول 2003 تقديم :
إذا كانت أهمية السجون قد ازدادت في الآونة الأخيرة في نظام العدالة الجنائية عموما، وفي مجال العقوبة بوجه خاص، وذلك في مواجهة المجتمع للأعمال الإجرامية والسلوك والأفعال الخارجة عن القانون، فمعنى ذلك أن العقوبات السالبة للحرية قد أصبحت تشكل في الوقت الحاضر الوسيلة الأكثر استعمالا في التعامل مع الجريمة، وبذلك لم تعد العقوبة شكلا من أشكال التصدي للجريمة فقط، بل وأداة لتعديل السلوكيات وإعادة توجيهها الصحيحة أيضا.
ومن هذا المنظور فإن المؤسسات السجنية لم تعد تقوم بتأدية وظائفها ومهامها عن طريق الحبس أو سلب حرية الأفراد فحسب، بل وكذلك عن طريق إعداد وتنفيذ برامج إصلاحية احترافية متكاملة تستمد روحها من ثقافة حقوق الإنسان التي تعتبر خيارا استراتيجيا وقطاعيا لوزارة العدل، مثلما تتبوأ مكانة متميزة في انشغالاتها واهتماماتها، بهدف كسب رهان الحاضر والمستقبل الذي تعتبر الحقوق والحريات فيه من مكونات الأفراد والجماعات التي ينبغي ترسيخها فكرا وممارسة.
ولعل الملامح العامة للقانون التنظيمي للسجون 98/23 والمرسوم التطبيقي له لتعتبر بحق لبنة أخرى على طريق تدعيم وتفعيل هذا التوجه. وقد أبى صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله إلا أن يوطده من خلال العناية التي أولاها للسجون والسجناء بإنشائه لمؤسسة محمد السادس لإدماج نزلاء المؤسسات السجنية ومراكز الإصلاح والتهذيب للأحداث الجانحين وحماية الطفولة.
وبإصدار هذه المجلة تكون مديرية إدارة السجون قد كشفت، مرة أخرى، عن إصرارها على فتح باب التواصل كاملا مع فعاليات المجتمع المدني الذي نعتبر دوره جوهريا، من حيث الاهتمام والدعم والمشاركة، في استكمال أي إصلاح.
واغتنم هذه المناسبة لأتوجه بالشكر إلى كل من ساهم في إغناء محتويات هذه المجلة التي نتمنى لها التوفيق والنجاح في تحقيق الغاية المنشدة.
عمر عزيمان
وزير العدل
العدد الثاني 2003 تقديم :
مما لاشك فيه أن السجون تعتبر في عصرنا الحالي أحد مقاييس التطور الإنساني لكل مجتمع، لذلك كان أحد الجوانب التي عني بها المغرب على الرغم من حجم العمل الذي ينتظره خارج السجون، الاهتمام بظروف السجين و قواعد معاملته و نظم إدارة السجون، خصوصا مع وجود قناعة لدى الجميع بأن الجريمة هي التي ينبغي مكافحتها و ليس المجرم، و انطلاقا من فرضية أن الغرض من السجن ليس الإيلام بقدر ما هو تأهيل السجين وضمان عودته إلى المجتمع عودة صحيحة.
وفي إطار ترسيخ دولة الحق و القانون و صيانة حقوق الإنسان و الحريات الفردية و الجماعية، صادقت بلادنا على عدد من الاتفاقيات في ميدان حقوق الإنسان، و قامت بإحداث المؤسسات و تطوير القوانين، و توفير الضمانات الكفيلة بحماية الحقوق، و توسيع فضاء الحريات، و حرصت على أمن الأفراد و الجماعات من منظور يجعلها في صلب دينامية عصرها، متفاعلة بروح مبدعة مع تحولات محيطها، و مؤهلة لشق طريق المستقبل في وئام مع تاريخها و حضارتها.
ويأتي قرار جلالة الملك محمد السادس نصره الله المؤرخ في 15 يناير 2002 بعد الزيارة التي قام بها يوم الخميس سادس دجنبر 2001 لمركز الإصلاح و التهذيب بعين السبع الدار البيضاء، بإحداث مؤسسة محمد السادس لإدماج نزلاء المؤسسات السجنية و مراكز الإصلاح و التهذيب للأحداث الجانحين و حماية الطفولة، لينضاف إلى لبنات الإصلاح الاجتماعي والمؤسساتي الذي بدأه والده المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني طيب الله تراه، حيث أن تعيين جلالته لأعضاء المجلس الإداري لهذه المؤسسة من ممثلي منضمات حقوق الإنسان و نشيطين في حقله، وفعاليات من المجتمع المدني، و من قطاع العدل، و الصحة، و القطاع الخاص، ليعتبر كذلك دلالة قوية تجسد حرص جلالته على ضمان أكثر لحقوق هذه الشريحة الاجتماعية التي تحتاج إلى تكوين تربوي و مهني يسمح لها بالاندماج اجتماعيا، أسريا و مهنيا، و رهانا على الأهمية الوازنة التي أعطاها جلالته لهذه المؤسسة، و التي يتميز أعضاؤها بتنوع خبراتهم و رؤاهم الشيء الذي سيكون له وقع حسن على مستوى أدائها و حافز كبير للدفع و الرقي بكفاءة اشتغال أعضائها، مما سيؤدي إلى تيسير عودة هؤلاء الجانحين إلى المجتمع أسوياء منخرطين في النسيج التنموي لمحيطهم.
وبذلك يكون جلالته حفظه الله قد مكننا من وسيلة لمواجهة تحدي إصلاح الجانحين، و الحد من الجريمة أو على الأقل التقليص من معدلاتها و المتمثلة في هذه المؤسسة التي تحمل اسمه الشريف و التي عهد لها بتوفير الوسائل لتمكين نزلاء المؤسسات السجنية و الإصلاحية من تكوين تربوي و مهني يؤهلهم للاندماج في الحياة الاجتماعية بعد الإفراج عنهم، و نبراسا لمديرية إدارة السجون لعقلنة و ترشيد مجهوداتنا التقليدية و الجديدة وتوسيع آفاق طموحاتنا، و تعزيز مكتسبات الأمس و اليوم، و الاستعداد أكثر للمستقبل، حفظ الله مولانا الإمام و أبقاه ملاذا أمينا و منبعا للرحمة و أدام على جلالته رداء الصحة و العافية و نصره بنصره المبين و حفظه في صنوه المحبوب صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد و سائر أفراد أسرته الشريفة انه سميع مجيب.
مدير إدارة السجون وإعادة الإدماج
مصطفى مداح
العدد الثالث 2003
تقديم :
إذا كانت التحولات التي عرفتها السجون المغربية تدعو إلى التفاؤل والاستبشار، فإن مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج عازمة على مواصلة الجهود، وتهييئ المناخ المناسب لتسهيل إعادة إدماج السجين في المجتمع من خلال إعداد برامج تربوية وتأهيلية وتمكينه من المشاركة فيها.
ولتحقيق هذه الغاية، فقد ارتأت المديرية خلق منبر إعلامي يتمثل في إحداث مجلة "إدماج" يكون أداة بيد السجناء للتعبير عن إبداعاتهم وعما يخالجهم من آراء ومواقف، وفضاء يعني بشؤونهم واهتماماتهم، وهامش لتحليل الظواهر العالقة بالسجون، والكشف عن الغموض الذي يسيطر على فهم أبعاد هذه الظواهر من أجل إيجاد الحلول المناسبة لها، كما أن الهدف من هذا الإصدار هو إيصال صوت السجين إلى كافة فعاليات المجتمع حتى يثير اهتمامهم، ويدعوهم إلى الإسهام في العملية الإصلاحية، لأن هذه الأخيرة لن تتأتى من خلال ما تقوم به مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج من مجهودات فحسب، بل لابد أيضا لتحقيقها من تظافر جهود الجميع لدعم هذا الإصلاح.
ومن هذا المنطق فإن مجلة "إدماج" جاءت لمواكبة التغييرات التي عرفها الوسط السجني ببلادنا، ولشرح خيارات مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج، وقناعاتها بأن الإدماج يجب أن يدعم بتفجير الطاقات، وخلق الرغبة لدى السجناء للمشاركة في الحياة العامة مشاركة فاعلة ومنتجة، عن طريق كتاباتهم الشعرية والقصصية والأدبية والتعبير بواسطتها عما يخالجهم من مشاعر وانفعالات ترتبط بمعاناتهم واهتماماتهم، فالكتابة عندما تتحول عند النزيل إلى متعة حقيقية، فإننا نكون قد أصبنا في تزويده بآلية تشعره بصلاحيته في المجتمع وتهييئ الجو المناسب لإعادة إدماجه في وسطه الطبيعي.
ولضمان استمرار هذا المولود، عملت المديرية على تخصيص حوافز للنزلاء المشاركين بإبداعاتهم على صفحات المجلة، حيث وافتهم برسائل تنويه مشمولة بعبارات التشجيع لتكون حافزا لهم لبذل المزيد من الاهتمام، و مدتهم بمكافأة مادية رمزية تشجيعا لهم لمواصلة الجهود لإغناء صفحات الأعداد المقبلة، ولإثارة حماس باقي النزلاء للتعبير عن مواهبهم وقدراتهم الفكرية، حتى نوقظ بالتالي إمكانياتهم الإبداعية التي قد تكون عانت من الركود الفكري الناتج عن رتابة الحياة بالسجن.
وإننا على يقين من أن هذه المجلة ستسفر على رصيد معرفي وثقافي هام من جانب هؤلاء النزلاء سيساهم في إغناء مكتبات السجون، خاصة وأن جل مواضيعها مرتبطة بهموم وأحاسيس السجناء وبالإصلاحات التي طرأت على السياسة العقابية ببلادنا.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير مجتمعنا وجعلنا عند حسن ظن صاحب الجلالة محمد السادس أيده الله ونصره.
مصطفى مداح
مدير إدارة السجون وإعادة الإدماج