P-Man مراقب عام للمنتدى'''
الجنس : مَدينتے• : فاس المشآرڪآت : 1525 نقاطي : 8983 سٌّمعَتي : 17 مِزَاجِے•: :
| موضوع: مقومات المحاكمة العادلة وقانون المسطرة الجنائية 12/3/2012, 15:12 | |
| مقومات المحاكمة العادلة وقانون المسطرة الجنائية تحقيق المحاكمة العادلة يجب ان ننظر إليه نظرة شمولية، فلا تكفي المسطرة الجنائية بما تتضمنه من ضمانات لكي تتحقق المحاكمة العادلة، لان هذه الأخيرة مرتبطة بعدة مكونات وعناصر ومتطلبات منها ما يهم القانون، واقصد القانون الجنائي، خاصة ان الموضوع مرتبط بالمحاكمة العادلة في ظل المسطرة الجنائية رغم ان المحاكمة العادلة هي مطلوبة أيضا أمام القضاء الإداري والقضاء المدني.
فالمحاكمة العادلة لها عدة مقومات مرتبطة بالمسطرة الجنائية ومنها ما يتعلق بالقانون الموضوعي الجنائي.. ذلك ان القضاء الجنائي انما يطبق القانون الجنائي، فاذا كان هذا الأخير غير عادل، فان القضاء الجنائي لا يمكن الا ان يكون غير عادل حتى لو افترضنا فيه النزاهة والكفاءة على أساس ان القضاء ملزم بتطبيق القانون وليس تشريعه.
اذن هناك الجانب القانوني كشرط اساسي لتحقيق المحاكمة العادلة، والقانون ليس بيد الشعب المغربي رغم توفره على برلمان، لكن كما تعرفون منذ الاستقلال وحتى الان فجميع البرلمانات مزورة وجميع الدساتير لم ينشئها أو لم يضعها الشعب المغربي، ولذلك فجميع القوانين ممنوحة. اذن هذا شرط من شروط مقومات المحاكمة العادلة هو القانون.
النقطة الثانية الاساسية في اية محاكمة عادلة هي عدالة مستقلة ونزيهة وكفأة، واقصد بالعدالة القضاء بشكل عام، سواء كان جالسا أو النيابة العامة، على أساس ان النيابة العامة يجب ان تكون مستقلة وحرة ونزيهة، لانها تعتبر من السلك القضائي كما هو واضح من الدستور أو من قانون نونبر 1974 المنظم للقضاء. ونحن نعرف بان قضاءنا لا زال لا تتوفر فيه هذه المقومات مع بعض الاستثناءات لكن الاستثناء لا يقاس عليه، كما يقول الفقهاء، وهو تاكيد للقاعدة.
النقطة الثالثة لا يكفي ان تكون هناك ضمانات قانونية معينة، سواء كانت قواعد قانونية موضوعية أو شكلية ، لكي تتحقق المحاكمة العادلة، سواء من جانبها الجنائي أو المدني، اذن يجب ان يحترم هذا القانون ويطبق، وهناك معضلة الان في المغرب ومنذ القديم، فحتى الضمانات المحدودة التي شرعت في بعض الميادين لا تحترم، أحيانا من السلطة التنفيذية واحيانا من السلطة القضائية التي من المفروض ان تتوفر فيها الكفاءة والنزاهة والحياد، وان تفصل في المنازعات والاعتداءات التي تقع على الاشخاص والاموال أو الحريات والحقوق.
عندما يكون القانون ناقصا وعندما تغيب المؤسسات، سواء المؤسسات التي تعبر عن إرادة الشعب تعبيرا حقيقيا وسواء كانت تشريعية أو تنفيذية، تصبح من اهم المقومات التي يجب العمل على خلقها وتدعيمها وتعميقها ومساندتها، وهي مؤسسات الشعب المغرب.
هذه المقدمة كان لابد من التذكير بها والسؤال العريض : هل المسطرة الجنائية بالتعديلات التي لحقتها عبر عدة مراحل تحقق المحاكمة العادلة؟
فالمسطرة الجنائية تتضمن اكثر من 700 فصل ولحقتها عدة تعديلات، والتعديلات وقعت عليها تراجعات ولكن في خضم هذه التراجعات الأولى والتراجعات الثانية والتعديلات التي تراجعت عن تلك التراجعات ما هي وضعيتها الحالية ؟ هل هي كافية لحماية الحقوق والحريات على أساس ان دور المسطرة الجنائية هو البحث والتحقيق والمحاكمة وتوحيد العقوبات وضمان الحريات، وان المشرع عندما يضع القانون يراعي أمرين، خصوصا عند وضعه للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية هما مصلحة الافراد، حقوقهم وحرياتهم، ومصلحة المجتمع عن طريق العقاب، على ان لا يتجاوز العقاب حدوده، ومن ناحية اخرى فان متابعة الشخص تقتضي البحث معه والتحقيق معه، وان اقتضى الحال اعتقاله ثم صدور الأحكام عليه وتنفيذ العقاب عليه، فما هي الضمانات لهذه المراحل كلها؟
فالشخص المتهم هو جزء من المجتمع وهو بشر وهو انسان، له الحق ان يتوفر أيضا على ضمانات معينة لتحمي حقوقه حتى لا يكون الاتهام وسيلة لارتكاب جريمة اخرى.
لكن ما يقع في المغرب انه أحيانا تنسب تهم ملفقة، واحيانا تحقق بوسائل لا مشروعة، ويريد الحاكمون في بعض الاحيان، مدعين حماية المجتمع، في نفس الوقت الذي يهلكون المجتمع بسوابق في ميدان البحث والتحقيق بسوابق غير مشرفة، وكذا المحاكمة وفي بعض الاحيان في صدور الأحكام وذلك عن طريق الاعتقالات التعسفية أو الاعتقالات لعدد اكثر مما يجب وعدم توفير ضمانات البحث والتحقيق.
فهل المسطرة الجنائية تحقق ضمانات كافية في مجال البحث والتحقيق مع المتهم وفي ميدان المحاكمة؟
في الواقع فان السطرة الجنائية في بداية الامور هي صادرة بتاريخ10 فبراير1959 كانت مثالية من حيث الضمانات، ويظهر انها اخذت كمشروع نموذجي من المسطرة الجنائية الفرنسية، بل انها تضمنت مقتضيات لم تكن تتوفر في فرنسا نفسها. ولكن اعتقد بان الحقوق المنصوص عليها في المسطرة الجنائية كانت اكبر من حجم واقع المغرب المخزني، ولذلك وجهت هذه المسطرة بامرين: أولا سلسلة من التراجعات عبر قوانين وظهائر بمثابة قانون باستثناء تعديلات بسيطة جاءت على شكل قوانين صادرة عن البرلمان.
النقطة الثانية جوبهت بالخرق، أي عدم تطبيق تلك الضمانات وهذه هي معضلة المغرب على كافة المستويات ابتداء من وضع الدستور مرورا بالانتخابات الخ.
اهم مسالة طرحت في هذه المسطرة هو باب الوضع تحت الحراسة النظرية الذي حصلت فيه عدة تطورات والوضع تحت الحراسة لها اهميتها لكون الدستور ينص عليها، فالفصل 9 يقول : " لا يجوز اعتقال شخص الا في حدود القانون"، والاعتقال الذي لا يقوم على أساس قانوني، يكون اعتقالا تحكميا وتعسفيا يمس بحق دستوري وبحق من حقوق المواطنة.
لناخذ نموذجا من الوضع تحت الحراسة النظرية، في سنة1959 كانت مدة الوضع تحت الحراسة النظرية يميز بين الجرائم العادية والجرائم الماسة بالامن الداخلي والخارجي. فالاولى كانت مدة الحراسة النظرية في اطار الفصل68 و82، الأول يتعلق بحالة التلبس والفصل82 يتعلق بحالات غير التلبس.
وعندما يتعلق الامر بالجرائم الماسة بأمن الدولة تتضاعف الاجال،48 ساعة هي الأصل والتمديد 24 ساعة، الضربة الأولى التي وجهت لهذه الضمانة أتت سنة1962، أي بعد مرور حوالي 6 سنوات على الاستقلال مع تغيير موازين القوى، فاتى التعديل بخطرين فضاعف من مدة الوضع تحت الحراسة كانت48 ساعة فاصبحت 96 ساعة في الجرائم العادية مع إمكانية التمديد لمدة 48 ساعة بدل 24 ساعة في قانون 1959.
اما إذا تعلق الامر بامن الدولة الداخلي والخارجي، فتضاعف المدة من اربعة ايام إلى ثمانية ايام ( يوم و48 ساعة المتعلقة بالتمديد اصبحت 4 ايام مما يكون المجموع 12 يوما) لكن هذا التراجع لم يقف عند مضاعفة مدة الحراسة النظرية، بل خول صلاحية التمديد لمدة 48 ساعة لقاضي التحقيق والنيابة العامة وتجديد هذه المدة بشكل غير محدود.
لذا فان جميع المحاكمات السياسية التي عرفت في تاريخ المغرب في الستينات وأواخر الستينات، كان المتهمون في قضايا المس بامن الدولة الداخلي والخارجي يظلون عند السلطة إلى آماد غير محدودة في ظل ظروف قاسية واحيانا يخرجون واحيانا لا يخرجون، واحيانا يخرجون معطوبين مدى الحياة.
جاء التعديل بمسالة خطيرة وهي المتعلقة بمقتضيات الفصل76 المتعلق بشكل أو باخر بالوضع تحت الحراسة من طرف النيابة العامة، أي بعد تقديم الشخص للنيابة العامة لتقرر بعد الاستماع إليه إما اطلاق سراحه أو إيداعه بالسجن.
فالفصل76 كان ينص على انه " لا يجوز الاعتقال في الجنح الا في حالة التلبس" وقد كان ينص في صيغته الفرنسية انه رغم حالة التلبس يجوز للنيابة العامة ان تقدم المتهم اما في حالة سراح أو في حالة اعتقال. هذا هو الحل المسطر سنة1959.
لكن ما وقع هو سلسلة من التراجعات عن مقتضيات هذا الفصل إلى ان وصل إلى اخر تعديل سنة1991 الذي جاء ببعض الإيجابيات، الأصل في المسطرة كان يمنع الاعتقال ولو في حالة التلبس، لوجود خمس حالات لا يمكن عند توفرها الاعتقال، وهي في حالة الجنح المتعلقة بالصحافة، الجنح السياسية المتعلقة بالمظاهرات الخ. وكذا الجرائم التي يجوز متابعتها بمسطرة خصوصية، القاصرين الذين شاركوا في الجنح وسنهم لا يتعدى 16 سنة، وكذا الاشخاص المعرضين لعقوبة التغريب. ففي جميع هذه الحالات كان لا يجوز الاعتقال ولو توفرت حالة التلبس الا ان التعديلات اللاحقة قلصت من هذه الحالات إلى ان تم القضاء عليها نهائيا وذلك ما سنوضحه.
فالاستثناء الأول الذي تم الغاؤه هو المتعلق بالجنح السياسية، وقد الغي هذا الاستثناء بمقتضى تعديل سنة1962، وبالتالي كان هذا التعديل ضربا للعمل السياسي في عمقه.
وفي سنة1963 أيضا تم إلغاء استثناء ثاني هو المتعلق بجنح الصحافة، اذ كان في هذه الجنح لا يمكن فيها الاعتقال، الا ان تعديل1963 وان حافظ على هذا الاستثناء المتعلق بجنح الصحافة الا إذا تم المس بالذات الملكية أو الاميرات أو الامراء، فان الاعتقال يكون واجبا، وبالتالي نلاحظ بانه قد تم الاجهاز على احد اهم الاستثناءات.
وفي سنة1991 سيتم الاجهاز على ما تبقى من تلك الاستثناءات بمقتضى الظهير المنفذ له الصادر بتاريخ 10 دجنبر1991، فينص الفصل76 " في حالة التلبس بجنحة أو إذا لم تتوفر في مرتكبها الضمانات الكافية للحضور، وكان الامر يتعلق بجنحة يعاقب عليها بالحبس فانه يمكن لممثل النيابة العامة ان يصدر امرا بايداع المتهم في السجن بعد اشعاره.... كما يمكن له ان يقدمه حرا إلى المحكمة إذا قدم ضمانات مالية يحددها أو ضمانات شخصية
ـ يحق للمحامي ان يحضر...
ـ يتعين على وكيل الملك إذا طلب منه ذلك يعاين بنفسه اثار تبرر ذلك ان يخضع الشخص المذكور للفحص ..."
اذن هذا الفصل اجهز على جميع التعديلات المتبقية التي كانت لا تسمح بالاعتقال ولو تمت في حالة التلبس.
رغم ان هذا التعديل صدر عن البرلمان، فنحن اذن نسير إلى الخلف وليس الامام، في مختلف البرلمانات سواء كانت هذه البرلمانات موجودة فعلا أو في حالة الاستثناءات أي وجود حالة الاستثناء وصدور ظهائر بمثابة قوانين.
اذن الخلاصة هناك تراجعات.
هناك تراجعات اكثر مما ذكرنا، فاصل المسطرة الجنائية التي نعتبرها ليبرالية كانت تخول لوكيل الدولة (وكيل الملك ولو في حالة التلبس ـ وذلك في اطار النص الفرنسي ـ ان يمنح السراح المؤقت بدون اية ضمانة مالية أو شخصية، وهذه مسالة في غاية الاهمية لان النيابة العامة إذا كانت متاكدة من ان الشخص المتابع مشكوك في اجرامه والاصل هو البراءة والاعتقال هو احتياطي كما تقول بذلك المسطرة الجنائية فاذا كانت النيابة العامة تشك في ثبوت الفعل الجرمي في حق الشخص المقدم إليها من طرف الضابطة القضائية أو ان المحاضر المقدمة من طرف هذه الأخيرة فيها الاعيب يجب ان يمنح له السراح المؤقت لانه يستحقه، فان كان هذا هو اصل المسطرة الجنائية، فان التعديلات اللاحقة وسعت من الحالات التي يمكن للنيابة العامة فيها اعتقال الشخص المتابع، وبالتالي اصبحت ملزمة إذا أرادت ان تطلق سراح المتابع، يجب ان تاخذ ضمانات مالية.
وفي سنة1962 جاء تعديل اخر يقول بانه ولو لم تتوفر حالة التلبس وهو ما جرى به العمل إلى الان، فبمجرد ان يكون الظنين لا يتوفر على الضمانات الشخصية، فيمكن للنيابة العامة ان تامر باعتقاله.
وهناك تراجع اخر تم التنصيص عليه سنة1991 في اطار القانون عدد 90/67 الصادر عن البرلمان، إذا كان الوضع في حالة سراح لا يخضع لكفالة مالية أو شخصية. فجاء هذا القانون ينص على انه إذا ارتأت النيابة العامة سواء في حالة التلبس أو في حالة عدم التلبس فانه في حالة عدم توفر الضمانات، اطلاق سراح المحال عليها فيجب عليها ان تطلب منه كفالة مالية أو شخصية، وكما يعرف الجميع امام البطالة التي ضربت أطنابها في المجتمع بما يشكل اكثر من 50 % من المواطنين، خاصة وان أسباب الاجرام تعود لاسباب اجتماعية وقلة الشغل، اصبح عدد من الناس يستحقون السراح المؤقت ولا يسرحون لعدم توفرهم على مبلغ الكفالة الذي لم يحددها القانون وانما ترك امر تقديرها للنيابة العامة التي قد تحددها في 1.000 او2.000 او3.000 إلى مليون فرنك الخ. فهذه عرقلة للحريات وللضمانات القانونية.
وهناك ضمانات ايجابية تم التنصيص عليها في اطار تعديل1991 وان كانت محدودة الاثار اذ خول هذا التعديل الحق للمحامي حضور استنطاق النيابة العامة في الجنح. وللمحامي ان يحضر في الاستنطاق الاولي، وهذا شيء لم يكن من قبل، عند استنطاق المتابع من طرف قاضي التحقيق،
لكن هناك الان اجتهادات من طرف النيابة العامة تقضي بان على المحامي حضور الاستنطاق وهو ساكت، أي ليس له الحق في ابداء ملاحظاته أو أسئلته.
بعض قضاة التحقيق يتفهمون دور المحامي وبإلقاء الأسئلة وإلا بقي حضور المحامي حضورا زائفا، لكن هذا الوضع خلفته عمومية النص الذي كان يجب ان يفصل ويحل هذا الاشكال وذلك بالتنصيص على ان من حق المحامي التدخل والقاء الأسئلة، لان هذا هو الدور المنوط به.
لكن هناك خطورة في هذا التعديل لكونه لم يكن شاملا، لماذا؟
لان هناك تعديلات لحقت الفصل2 من المقتضيات الانتقالية من قانون المسطرة الجنائية المؤرخ بـ 28 شتنبر1972 هذا للتعديل الأخير لسنة1991 سمح للمحامي بحضور استنطاق النيابة العامة في الجنايات المتلبس بها، ولكن لم يسمح بحق المحامي أو الزامية النيابة العامة بان تعرض المتهم او الظنين على خبرة إذا ظهر لها بان المتهم تعرض للتعذيب واريد التاكيد على هذه النقطة لاهميتها البالغة، فالتعذيب والاحالة على خبرة طبية تم تناولها في إطار الفصل76 من ق م ج وفي نطاق الفصل127 من ق م ج الخاصة بقاضي التحقيق ولم يسمح بهذه الامكانية، أي عرض المتهم على خبرة طبية في عدد كبير من المراحل، فلم يسمح بها أمام محكمة العدل الخاصة التي تنظر في الجنايات ولم يطبق هذا الاجراء أمام محكمة العدل العسكرية، ولم يطبق في نطاق الفصل2 من المقتضيات الانتقالية، أي في مراحل تتعلق بالجنايات التي تمت في حالة تلبس والتي تعرض على الوكيل العام للملك أمام محكمة الاستئناف.
وهناك العشرات من التعديلات التي لحقت المسطرة الجنائية، خاصة بمقتضى ظهير1962 التي تعرقل المحاكمة العادلة والتي لم يتناولها التعديل بما فيها التعديل الأخير لسنة1991، ومن جملة التعديلات الخطيرة التي لحقت المقتضيات الانتقالية وهي كون التحقيق لم يصبح الزاميا في الجنايات .
كذلك لحق المسطرة تعديلات لم تعدل لحد الان، وهي إلغاء الغرفة الجنائية، نعم المقتضيات الانتقالية خلقت الغرفة الجنحية، ولكن في حدود معينة، اذ تقول ما لم تكن الغرفة الجنحية الموجودة بمحكمة الاستئناف تحل محل غرفة الاتهام وما لم يكن هذا الحلول فيه تناقض مع هذا الظهير بمثابة قانون ويقصد به ظهير 28 شتنبر1974.
وهناك فتح الباب أمام العديد من التأويلات فالبعض يقول بانها حلت محل الغرفة الجنائية بجميع العناصر التي كانت لها، والبعض الاخر يقول بخلاف ذلك، وهو ما يفسر الاستثناء الذي وضع في اخر الفصل.
وهناك راي ثالث يقول بان الغرفة الجنحية لا تنظر الا في الطعون الموجهة ضد قرارات قاضي التحقيق، اما ان تؤيدها أو تنقضها، مع العلم ان غرفة الاتهام كانت لها صلاحيات واسعة وضمانات كافية تخدم المحاكمة العادلة، كانت تعتبر مرحلة من مراحل الاستئناف، كانت تراقب قاضي التحقيق، كانت تعتبر مرحلة ثانية لاعادة التحقيق، كانت تتصرف وتعطي اوصافا خاصة ولو ترد في قرار قاضي التحقيق، اذا اغفل قاضي التحقيق تهما معينة كانت تتصدى وتضيف تهما اخرى إذا اغفل قاضي التحقيق ادخال متهمين اخرين لعلة من العلل تتدخل غرفة الاتهام لتضيف متهمين اخرين، كانت تتابع الضابطة القضائية عندما ترتكب جرائم بمناسبة القيام بالتحقيقات ... هذه وغيرها كثير من الضمانات التي تم إهدارها ولم يقع لحد الان تعديلها والتراجع عنها.
وهناك مسائل اخرى التي تم التراجع عنها في اطار القانون الجديد، وهي مهمة، مثل التراجع عن مدة الحراسة التي تم ارجاعها للاصل أي 48 ساعة مع تمديد 24 ساعة في الجرائم العادية والضعف في الجرائم المتعلق بامن الدولة الداخلي والخارجي وهو عبارة عن رجوع إلى الأصل ولا يمكن اعتباره تقدما. مع اشارة إلى الشيء الايجابي في الجرائم المتعلقة بالامن الداخلي والخارجي هو ان التمديد كان غير محددا، بينما حدده التعديل الأخير في مرة واحدة غير قابلة للتجديد.
ان مجموعة من الضمانات هي موجودة حاليا بالمسطرة الجنائية ولا تكفل محاكمة عادلة، لان الحقوق الان في المغرب، بما فيها حقوق الانسان وحقوق المواطنة وحرياته، لان هناك حقان اساسيان ومقدسان هما حق الحياة وحق الامان الشخصي، وفي غالب الدول غير الديمقراطية يخرقان من قبل السلطة ورجال السلطة.
السؤال المطروح هو ان الكل سواسية أمام القانون، لكن هناك عرقلة قانونية تحمي رجال السلطة حتى لا يطالهم القانون، وذلك بمقتضى الفصل266 من ق م ج وذلك بخلق عراقل قانونية بالإضافة إلى العراقيل الواقعية. فالكل يعرف العدد الكبير من الاختطافات التي وقعت وكذا عددا من التعذيبات ولكن رجال السلطة لم يصل إليهم القانون والقضاء مع بعض الاستثناءات القليلة. والفصل 266 يقول بان " إذا ارتكب جريمة سواء اثناء القيام بعمل أو خارج القيام بعمل وزيرا أو عامل أو رجل سلطة أو ضابط الشرطة القضائية أو قائد أو قائد ممتاز لا يمكن إجراء بحث تمهيدي معه. بل ولا يمكن متابعته من طرف النيابة العامة.
فالذي يمكن تقرير المتابعة واجراء البحث هما هيئتان اثنان فوق النيابة العامة فاذا تعلق الامر بوزير أو عامل فالغرفة الجنائية بالمجلس الأعلى هي المختصة واذا لم تقرر المتابعة فالمعني بالامر لا يمكن متابعته بتاتا. واذا تقرر التحقيق معه لا يمكن اطلاقا التحقيق معه.
واذا تعلق بمن هو اقل من هؤلاء درجة لا يمكن فتح تحقيق واجراء متابعة الا بقرار للسيد الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
ومن الناحية العملية عدد من الجرائم المنسوبة إلى رجال السلطة فرؤساء محاكم الاستئناف لا يقررون فيها البحث، ليست هناك مسطرة خاصة تسمح بالطعن في هذه المقررات.
واهم شرط في المحاكم العادلة هو عمل نزيه للضابطة القضائية، فالملفات تصنع عند الضابطة القضائية عند البحث وان النيابة العامة والقضاء اللذان لا يتوفران على ضمانات كبيرة، وهذا موضوع اخر لا مجال للخوض فيه، دائما يتبعان محاضر الضابطة القضائية.
وجميع الهيئات وخاصة جمعية هيئات المحامين بالمغرب تطالب باستمرار وبإلحاح ان هذه المرحلة والتي تعتبر اصعب المراحل التي تضيع فيها الملفات وتزور ويقع فيها التعذيب لانتزاع الاعترافات، يجب ان يحضرها المحامي عبرة بعدد من الدول الديمقراطية كاسبانيا.....
وعندما يتحقق هذا المطلب المتعلق بحضور المحامي أمام الضابطة القضائية اثناء مرحلة البحث، سنعرف انذاك ان بلدنا قد تقدم ولكن هذا المطلب غير محقق.
هناك الكثير من المواضيع تم اغفالها، اتمنى ان يغني هذه النقط المثارة واثارة النقط التي اغفلت حتى نعطي تصورا متكاملا للمحاكمة العادلة.
للاستاذ النقيب عبد الرحمن بنعمرو،
|
|