فضائح أطاحت بعشرات الدركيين

في شهر فبراير الماضي وضع دركي برتبة مساعد، حدا لحياته في ظروف أحاط بها كثير من الغموض. وأطلق الدركي رصاصة من مسدسه نحو رأسه، في منزله بأصيلة، وذلك بعد دقائق قليلة من دخوله البيت.
وكان الدركي يشتغل نائبا لقائد زمرة الدرك الملكي بأصيلة، وأقدم على الانتحار، حسب مصادر مقربة منه، بعد أن مورست عليه كثير من الضغوط من قبل عناصر القيادة الجهوية للدرك الملكي بطنجة.
وعلمت "الصباح" أن الدركي المنتحر استدعي قبل أيام من انتحاره بمسدس الخدمة للمثول أمام محققين بقيادة الدرك بطنجة، لكنه لم يمتثل للاستدعاء الموجه إليه ليقدم بعد ساعات على الانتحار في منزله.
ولم يكن هذا الدركي الوحيد الذي أقدم على الانتحار، إذ أن دركيا في سرية تابعة لدرك مدينة أكادير انتحر بمسدس الخدمة بعد أن قتل خليلته في منزل يقع في مقر سرية الدرك الملكي.
وفي الأشهر الماضية أوقفت لجنة تفتيش تابعة للدرك الملكي ثلاثة دركيين بمدينة الجديدة ضبطوا في حالة تلبس بالارتشاء، وجرت إحالتهم على النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالمدينة والتي قررت إيداعهم السجن.
وبين المتهمين دركي برتبة رقيب، ضبطته فرقة التفتيش في سيارة واتهم بتلقي مبالغ مالية من سائقين، لكنه خلال مثوله أمام القضاء نفى المنسوب إليه جملة وتفصيلا.
ولم تعثر فرق التفتيش لدى الدركيين الموقوفين على أي مبلغ مالي، ما دفعها إلى تفتيش سيارتهم، لتعثر على أوراق مالية من فئتي 100 و200 درهم.
وإلى جانب هذه المتابعة أوقفت مصالح الدرك الملكي بخريبكة دركيا اتهم بالتورط في ملفات حوادثة السير الوهمية.
واتهم الدركي ورتبته رقيب بالتورط في تلاعبات حصل من خلالها على مبلغ تجاوز 100 مليون سنتيم. وكشف الدركي أسماء عدد من المتورطين في ملفات تلفيق حوادث السير بمدينة خريبكة.
وفي ملفات التهريب الدولي للمخدرات اعتقل خلال ثلاث سنوات الماضية 96 دركيا اتهموا بتسهيل تهريب الحشيش إلى أوربا والارتشاء واستغلال النفوذ.
وأحيل المتهمون على القضاء ومنهم من أدين وآخرون برئوا من تهمة الارتشاء. وبين الدركيين الذين أدينوا ضابط صف اتهم بتعطيل رادار لرصد الزوارق التي تهرب المخدرات انطلاقا من قرى شاطئية بالناظور.
وأجرت مصالح القيادة العامة للدرك الملكي أبحاثا حول عدم صيانة "رادارات" خاصة بالمراقبة البحرية بمركز بني انصار بالناظور، أحدثت لرصد زوارق تهريب المخدرات التي تنطلق من القرى الساحلية بين الحسيمة والناظور.
ووفق معلومات حصلت عليها "الصباح"، فإن إجراء الأبحاث من طرف القيادة العامة للدرك جاء بعد تصريح المسمى "يوسف. ك"، وهو ضابط صف برتبة مساعد بالمركز البحري للدرك الملكي ببني انصار، معتقل في إطار ملف "شبكة الحاج"، خلال البحث معه من طرف محققي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أن "الرادارات" المستخدمة في المراقبة البحرية بمركز الدرك البحري ببني انصار تخضع لعملية الإصلاح منذ شهر مارس سنة 2009، أي أن مدة إصلاحها تجاوزت سنة وثلاثة أشهر.
واتهم ضابط الصف في فرقة الدرك البحري بالناظور بتلقي مبالغ مالية من شبكة "أزعيمي" مقابل تسهيل عمليات تهريب الحشيش من قرى ساحلية في اتجاه الجنوب الإسباني.
ونسب إلى المتهم أنه تلقى بشراكة مع زملائه في فرقة الدرك مبلغ 300 ألف درهم في إحدى العملية التي نفذت لفائدة مهرب يلقب ب"منعم". والمثير في الملف أن عناصر من فرقة الدرك البحري كانت تتفق مع المهربين على "كلمة السر" التي يجب على سائق الزورق المحمل بالمخدرات قولها للمرور من مراكز الدرك البحري دون تفتيش.
وعزلت قيادة الدرك الملكي شهر يناير الماضي قائد سرية للدرك بضواحي الناظور وأحالته على وكيل الملك لدى المحكمة العسكرية بالرباط.
وتوبع الدركي بتهمة "إفشاء السر المهني والإخلال بالضوابط العسكرية وربط علاقة مشبوهة بمهربي مخدرات".
وأودع المتهم بعد مثوله أمام قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية في المركب السجني بسلا، ولم تحدد جلسة استنطاقه من طرف رئيس غرفة التحقيق العسكري.
ويأتي عزل الدركي الذي كان يشغل منصب قائد سرية للدرك الملكي بمنطقة دار الكبداني، بعد ضبط رقم هاتفه في سجل المكالمات بالهاتف المحمول لوسيط شبكة لتهريب المخدرات بالطائرات الصغيرة.
واستمع إلى المتهم، قبل عزله، من طرف مسؤولين في لجنة التفتيش والمراقبة بالقيادة العامة للدرك الملكي بالرباط، ونفى صلته بمهربين دوليين للمخدرات، وأكد أنه اتصل بالشخص الذي وصف بأنه وسيط شبكة التهريب، لاستفساره حول موضوع ليست له علاقة بتهريب المخدرات.