الشبكة العنكبوتية..."مخبر" الأمن إلى الخلايا الإرهابية

الشبكة العنكبوتية..."مخبر" الأمن إلى الخلايا الإرهابية

لم يعد بعض رجال الأمن في حاجة إلى مخبرين من أجل الوصول إلى أفراد الخلايا الإرهابية، بعد أن وجدوا مرادهم في الشبكة العنكبوتية،
إذ يكفي ترصد بعض المواقع الجهادية من أجل تحديد الهدف والوصول إليه في أسرع وقت.

انتقلت الحرب بين الأجهزة المغربية وعناصر الخلايا الإرهابية من الشوارع والأحياء المهمشة والمناطق غير الآهلة والجبال الوعرة إلى المواقع على الشبكة العنكبوتية، وأصبح تعقب المخططين لزعزعة أمن واستقرار المغرب يكمن في فك رموز وتتبع أسماء، غالبا ما تكون مستعارة، على الشبكة العنكبوتية.
فالعديد من الشبكات فككت عن طريق المطاردة في الشبكة العنكبوتية، والخطة الأمنية واضحة وتكمن في ترك الأشخاص المرصودين من قبل الأجهزة الأمنية يتحركون ويتبادلون المعلومات في ما بينهم، من أجل جمع أكبر عدد منها، وحينما يتبين أن الشخص أو الجماعة المرصودة ستنتقل إلى الفعل يتم إيقاف المعنيين، من أجل تجنيب البلد ضربة إرهابية.
الطريقة أبدت نجاعتها، خصوصا أن المغرب عرف استقرار منذ حادث حي الفرح سنة 2007، كما نجحت أجهزة الامنية خاصة «ديستي» وعناصر الفرقة الوطنية في تفكيك عشرات الخلايا، كان آخرها «خلية البتار» التي أوقف فيها ثلاثة أشخاص كانوا يخططون لعمليات تفجيرية واستهداف مراكز أمنية، وكذا إيقاف شخص في إطار عملية «الذئب المنفرد» التي كان سيعمد من خلالها المتهم إلى استهداف مجموعة من الشخصيات عن طريق استهداف سياراتهم.
وتبقى أهم الشبكات التي ساعد الأنترنت بشكل كبير في الوصول إليها، هي الشبكة التي فككت السنة الماضية والمكونة من ستة أشخاص، إذ تمكن عناصر الأمن من إيقاف المتهمين بعد رصدهم لرسائل إلكترونية عبر الشبكة العنكبوتية في موضوع صناعة المتفجرات، صادرة عن جهات لا علاقة لها بشركات تصنيع المتفجرات أو دوائر علمية.
المسالة أثارت رجال الأمن خاصة أن الرسائل تتحدث عن وصفات لصناعة المتفجرات والعبوات الناسفة، مرسلة من المغرب إلى مجموعة من الدول، ليتم تعقب أصحاب هذه الرسائل وإيقافهم جميعا.
التحقيق مع المتهمين كشف على الدور الخطير الذي تلعبه الشبكة العنكبوتية، إذ تبين أن أفراد الخلية، قدموا العديد من الوصفات في صنع المتفجرات إلى أفراد تنظيمات إرهابية أخرى، دون حاجة إلى التنقل إلى الدولة الموجودين بها أو تحمل عبء ومخاطر عقد لقاءات سرية.
تحول نوعي في تعامل الأجهزة الأمنية مع الشبكات الإرهابية، تحول جعل التحدي الأمني اليوم أكبر لأن رجاله لم يعودوا يطاردون متهمين أميين من أمثال «مول الصباط» أو باعة السمك أو «صوصيص» بل أصبحوا أمام نوع جديد من المتهمين، لهم مستوى تعليمي ويتقنون التعامل مع الحاسوب، وباستطاعتهم أن يخلقوا أساليب جديدة في التواصل في كل مرة وحين. إذ تبين من خلال الوقوف على المستوى التعليمي للمتهمين أنهم ذوو تكوين في المجال الفيزيائي، ولهم خبرة في المعلوميات.
هذا التحول النوعي يفرض على رجال الأمن تطوير أساليب عملهم، خاصة أن التجارب السابقة في محاربة الإرهاب بينت أن الشبكات والخلايا الإرهابية لجأت مرارا إلى خدمات التكنولوجيا الحديثة، إذ تم الاعتماد عليها فيما يخص تجنيد العناصر (الانتحاريين المحتملين)، البناء التنظيمي للشبكات أو الخلايا، توجيه التعليمات من القيادة نحو العناصر التنفيذية، وتزويد العناصر التنفيذية (المفخخون، الانتحاريون...) بالخبرة في مجال تنفيذ الركن المادي للجريمة الإرهابية.
وأظهرت نماذج الخلايا الإرهابية المفككة في المغرب، بداية مع تفكيك خلية جبل طارق سنة 2002 ونهاية بتفكيك شبكة الإرهاب السبيرنيتي في شهر دجنبر الماضي، أنها كانت تستثمر في الاتصال، المنتظم وعبر الشبكة العنكبوتية، مع مواقع إرهابية موجودة في الدول العربية. إضافة إلى هذا المعطى، أثبتت التحقيقات التي باشرتها المصالح الأمنية المغربية بخصوص نمط اشتغال وتواصل عناصر بعض الخلايا الإرهابية (خلية الرايدي، وتفجيرات حي الفرح...) أن تلك العناصر كانت تفضل في غالبية الحالات التواصل فيما بينها عبر الإنترنت.

الصديق بوكزول