ألمانيا تعترف بالشهادات العلمية الأجنبية
استفادة 300 ألف مهاجر من قانون الاعتراف بالشهادات الأجنبية
وافق البرلمان الألماني أول أمس الخميس على مشروع قانون يسهل إجراءات الاعتراف بالشهادات العلمية الأجنبية, و هو ما سيفسح المجال أمام المواطنين المنحدرين من الهجرة, بالخصوص, للاستفادة من شهاداتهم العلمية و مؤهلاتهم المهنية في سوق العمل الألمانية, و بموجب القانون الجديد سيتم توحيد إجراءات الاعتراف بالشهادات الأجنبية في كافة الولايات الألمانية و إنجازها خلال ثلاثة أشهر, ليصبح بإمكان أصحاب الكفاءات المهنية و العلمية الأجنبية ممارسة مهنتهم في ألمانيا, و حسب وزيرة التعليم و التأهيل الألمانية, آنيته شافان, سيستفيد من القانون نحو 300 ألف مهاجر يعيشون في ألمانيا, كما سيساعد القانون هؤلاء المهاجرين على الانخراط في سوق العمل الألمانية و الاستفادة من خبراتهم و مؤهلاتهم العلمية و المهنية.
و سيساهم القانون الجديد في تأمين حاجة سوق العمل الألمانية إلى ذوي الاختصاص و التأهيل من الأيدي العاملة و خاصة أصحاب الكفاءات العلمية.
أفاد مكتب الإحصاء الفدرالي الألماني أن عدد السكان المنحدرين من الهجرة في ألمانيا، بلغ حوالي 7،15 مليون نسمة، أي بنسبة 3،19 في المائة من مجموع السكان البالغ عددهم نحو 81 مليون نسمة.
و أضاف مكتب الإحصاء الألماني، استنادا إلى الإحصاء العام للسكان لسنة 2010، أن هذه الفئة من السكان تتكون من المهاجرين الذين قدموا إلى ألمانيا ابتداء من سنة 1950 و من حفدتهم.
و حصلت أغلبية هؤلاء ( 6،8 مليون) على الجنسية الألمانية، أما الباقي ( 1،7 مليون) فلازال في وضعية الأجانب.
و أشار المصدر نفسه إلى أن ثلث الأشخاص المنحدرين من الهجرة ولدوا في ألمانيا، أما الثلثين الباقيين فهم مهاجرون يبلغ عددهم 6،10 مليون، قدم أغلبهم من أوربا ومن بلدان الاتحاد الأوربي، فيما قدم الباقي من آسيا و إفريقيا.
أما البلدان التي تنحدر منها أغلبية الأجانب فهي تركيا و بولونيا و روسيا.و سجل مكتب الإحصاء الفدرالي فروقات كثيرة بين السكان المنحدرين من الهجرة و بين غيرهم، حيث تتكون أغلبية الفئة الأولى من الشباب ( 35 سنة) أزيد من 50 في المائة منهم ذكور، غير أن معظمهم لا يتوفرون على شهادة مدرسية أو مهنية.
و أشار إلى أن هذه الوضعية تنعكس على بنية الشغل، حيث يعاني المنحدرون من الهجرة، المتراوحة أعمارهم ما بين 25 و 56 سنة، من البطالة أو يمارسون عملا مؤقتا، و أكثرهم (2،26) يوجدون عرضة للفقر.
وبخصوص المغاربة فقد استقبلت ألمانيا منذ بداية ستينيات القرن الماضي آلاف المهاجرين المغاربة، قدم معظمهم بعقود عمل تحت إشراف الإدارة المغربية للعمل مباشرة في المناجم الألمانية. أطلق الألمان عليهم، وعلى أقرانهم من جنسيات مختلفة، «العمال الزوار»؛ لاعتقادهم أن حاجة ألمانيا إلى اليد العاملة ضرورة مؤقتة. إلا أن هؤلاء «الزوار» طال مقامهم ليصبح استقرارا، خلف أجيالا يشكلون الآن أكبر تجمع عربي في ألمانيا.
وقد كشف تقرير ألماني أجرته مؤسسة التعاون التقني (GTZ) التابعة للحكومة الألمانية، أن الجالية المغربية بألمانيا التي يصل عددها102 ألف شخص تختفي وراء الجالية التركية التي تصل قرابة 3 ملايين. و هناك مشاكل عديدة، ترتبت عن الهجرة كظاهرة اجتماعية لم تكن مؤطرة ولم تحظ بالعناية اللازمة؛ إذ كان ينظر إليها على أنها ظاهرة مؤقتة، وبالتالي كان الوعي بعواقبها، بسبب نقص التجربة، شبه منعدم.
وقالت ختيمة بوراس، وهي أستاذة بجامعتي بوخوم وإسن بألمانيا، التي صدرت لها دراسة لسانية وسوسيولوجية حول الوضعية المدرسية لأبناء المهاجرين المغاربة بألمانيا، في أحد تصريحاتها السابقة لإذاعة هولندا العالمية إن مشاكل الهوية والفشل الدراسي والمهني هي عناصر إذا اجتمعت ولم تعالج في حينها، قد تؤدي بسهولة إلى الانحراف الأخلاقي والاجتماعي.
وقد أظهرت دراسة أعدها معهد برلين للسكان والتنمية، أن الأتراك هم أقل المجموعات الأجنبية اندماجا في ألمانيا، وتسجل في صفوفهم نسب عالية من الفشل المدرسي والبطالة.
وتتحدث بعض الدراسات عن فشل اندماج المهاجرين، مثيرة جدلا متواصلا تزكيه بعض التيارات السياسية. وتعتبر الحكومة أن مسألة الاندماج عملية طويلة الأمد، وتستوجب إشراكا شاملا لجميع الأشخاص الذين يعيشون بصفة دائمة وقانونية في ألمانيا في الحياة العامة، بموازاة مع إلزامية تعلم اللغة الألمانية ومعرفة واحترام الدستور والقوانين الجاري بها العمل، وإن ألمانيا أصبحت تولي هذه القضية عناية كبرى وتأخذ المشاكل المترتبة عنها محمل الجد، بحيث تتيح للشباب المهاجر نفس الفرص في التعليم. بالإضافة إلى ذلك، فإنها تسعى جاهدة إلى عدم إنشاء تجمعات سكانية خاصة بالأجانب وتكوين بعض الأحياء الهامشية (الغيتو)، كما هو الحال بالنسبة لبعض الدول الأوربية الأخرى.
ويشتكي الكثير من المغاربة من تعامل وسائل الإعلام الألمانية التي تروّج أحيانا تقارير سلبية ترسم صورة سوداوية تعتمد التعميم والأحكام المسبقة، وتستند على كليشيهات وصور نمطية غير موضوعية وغير عادلة، تحشر الجميع في سلة واحدة تختزلهم غالبا في العنف والإرهاب.