Adrem الإدارة'''''
الجنس : دولتي : المغرب المشآرڪآت : 6210 نقاطي : 23540 سٌّمعَتي : 8
| موضوع: خمسة أسباب للتشكيك في ظاهرة ربيع العرب 17/8/2011, 05:34 | |
| خمسة أسباب للتشكيك في ظاهرة ربيع العرب Marat Terterov الخميس 4 غشت 2011 لا يمكن اعتبار أن سقوط الأنظمة العربية اليوم يصب في المصلحة الاستراتيجية الغربية لأن معظم الدول العربية قائمة على المساعدات العسكرية والسياسية الغربية، كما أن بعض الأنظمة العربية، على الرغم من طبيعتها الاستبدادية، تؤدي دوراً محورياً في صون المصالح الاستراتيجية الحيوية الغربية في الشرق الأوسط. يسود اعتقاد بين الخبراء السياسين بشؤون الشرق الأوسط مفاده أن حدثاً مفصلياً له أبعاد كارثية يضرب المنطقة كل عشر سنوات تقريباً، سيشهد شهر سبتمبر من هذه السنة الذكرى العاشرة لاعتداءات 11 سبتمبر التي رسمت معالم السياسة الخارجية الأميركية خلال العقد الأخير. قبل عشر سنوات من ذلك، عام 1990، أدى غزو العراق للكويت إلى اندلاع حرب الخليج في عامي 1990 و1991، ثم ساهمت حرب الخليج، تزامناً مع انتهاء الحرب الباردة، في إعادة رسم معالم الأوضاع الجيوسياسية في الشرق الأوسط خلال السنوات التي تلت تلك الحقبة، قبل 10 سنوات تقريباً من حرب الخليج، شهد الشرق الأوسط أزمة أخرى في عام 1979، فقد وقعت أحداث عدة مثل الثورة الإسلامية في إيران، وتوقيع اتفاقية “كامب ديفيد”، في إشارة إلى عقد سلام جديد بين إسرائيل ومصر، والغزو السوفياتي لأفغانستان، وبعد عشر سنوات تقريباً على اعتداءات نيويورك، يبدو أن سنة 2011 ستكون سنة مفصلية أخرى بالنسبة إلى الشرق الأوسط.
فيبدو أن الانتفاضات الشعبية التي بدأت في المغرب العربي في شهر يناير، قبل أن تنتشر وتصل إلى مصر وأنحاء الشرق الأوسط، هي غير مسبوقة، وتحديداً إذا ما لاحظنا سرعة تنقل الاحتجاجات التي انتشرت في أرجاء المنطقة مع انتشار الثورات الشعبية في الشوارع، بدأ المحللون بوصف الأحداث بعبارة “ربيع العرب”، بعد مرور بعض الوقت منذ سقوط الرئيسين التونسي والمصري، يواجه ربيع العرب مستقبلاً مبهماً، بينما أدت الثورات الشعبية العربية إلى تعزيز التوقعات بحصول تغيير جذري في عدد كبير من الدول العربية، بدأت الآمال بحصول أمر مماثل تتلاشى بسرعة اليوم، نظراً إلى البيئة السياسية المضطربة السائدة في أنحاء الشرق الأوسط، نعرض في ما يلي خمسة أسباب وجيهة للتشكيك في ظاهرة “ربيع العرب” وقدرتها على تحريك عجلة التغيير على مستوى طبيعة الحكم في أنحاء المنطقة:
السبب الأول: مصر وتونس ليستا الدولتين الرائدتين في الشرق الأوسطكانت مصر بلا أدنى شك أهم دولة عربية من الناحية السياسية خلال الخمسينيات والستينيات. وقد مهدت الثورة التي شهدتها في عام 1952 لنشوء ثورات أخرى في أنحاء العالم العربي، فألهمت بعض الأطراف لتنفيذ انقلابات عسكرية ضد الأنظمة الملكية العربية الموالية للغرب في دول عربية أخرى، ونشرت شعار القومية العربية الرجعية في أنحاء المنطقة، في مرحلة لاحقة، خلال فترة السبعينيات تحديداً، صدمت مصر الرأي العام العربي وعززت انقسامه بسبب قرارها عقد سلام مع إسرائيل، ما وضع حداً للمقاومة المنسقة بين الدول العربية ضد إسرائيل في الحروب التي اندلعت منذ عام 1948، لكن سرعان ما تراجع مستوى النفوذ السياسي الذي تتمتع به مصر ومكانتها العامة بين نظرائها العرب بشكل ملحوظ منذ ذلك الحين، قد يكون هذا الأمر إثباتاً على تراجع دور القيادة المصرية في العالم العربي بما أن المصريين أصبحوا الآن أتباعاً بدل أن يكونوا أصحاب المبادرة في أحداث ربيع العرب التي بدأت في تونس هذه السنة.
السبب الثاني: لم يكن أي من مبارك أو بن علي من بناة الأوطان إذ ورث بن علي ومبارك أنظمة اقتصادية سياسية أداراها مباشرةً بعد سلفيهما. كان سلفاهما من أهم بناة الأوطان وقد أطلقا عملية التنمية في بلديهما، ففرضا سابقة في أنحاء المنطقة. أما بن علي ومبارك، فكُلّفا بإدارة أنظمة أنشأها سلفاهما، وبما أن أيا من بن علي أو مبارك لم ينشئ الأنظمة التي حكماها، فمن المتوقع أن تصمد تلك الأنظمة حتى بعد رحيلهما. سيكون تطبيق التغيير أكثر صعوبة مما سيكون عليه لو توفي أو تنحى مؤسس الوطن، لأن إرث هذا الأخير سيجد صعوبة في الصمود في ظل حكم الأنظمة اللاحقة، من المتوقع أن يتابع شبحا عبدالناصر والسادات بمطاردة المصريين في المستقبل أكثر من مبارك لأن رحيل هذا الأخير لن يولّد فراغاً كبيراً في السلطة داخل البلد. ينطبق الأمر نفسه على بن علي وسلفه الحبيب بورقيبة، أول زعيم ورئيس تونسي مستقل يُقارن بأتاتورك التركي بسبب الإصلاحات العلمانية التي فرضها في بلده خلال عهده الذي دام ثلاثة عقود. السبب الثالث: الجيش لا يزال محور السلطة في أنحاء العالم العربياحتفظت معظم الأنظمة العربية التي وصلت إلى السلطة عن طريق ثورة عنيفة خلال سنوات القومية العربية، في حقبة الخمسينيات والستينيات، بالسلطة طوال عقود، لا بفضل دعم الجيش فحسب، بل لأن الأنظمة كانت عسكرية بطبيعتها. لم يكن الوضع مختلفاً في مصر وتونس، فقد انحدر بن علي ومبارك من المؤسسة العسكرية وبقيا في السلطة لفترة طويلة بفضل تحالفاتهما مع أهم الشخصيات في الجيش وأجهزة الاستخبارات. صحيح أن الجيشين التونسي والمصري لعبا دوراً أساسياً في إدارة مرحلة إسقاط الرئيسين، لكن لم تتضح بعد التدابير الخفية التي اتُّخذت بين الرئيس بن علي والجيش التونسي والنظام الملكي السعودي في مجال التسوية التي انتهت بمغادرة بن علي إلى المملكة العربية السعودية في شهر يناير الماضي في مصر، عاد الآلاف إلى ميدان التحرير في القاهرة احتجاجاً على احتفاظ الجنرالات بالسلطة على الرغم من الوعود بالتغيير، ولم يواجه الرئيسان المخلوعان المصير الذي لاقاه عدد من الحكام الملكيين العرب الذين خُلعوا خلال الثورات التي شهدتها المنطقة في فترة الخمسينيات والستينيات، فقد كان الموت أو المنفى بانتظار عدد منهم.
السبب الرابع: لا بد من تغيير المقاربة الاستراتيجية الغربية للتعامل مع المنطقةأشار عدد من المحللين إلى أن الثورات الشعبية في العالم العربي هي ظاهرة مشابهة لوضع أوروبا الشرقية في عام 1989، حين تدفق الناس إلى الشوارع أخيراً وأطاحوا بالحكام الاستبداديين الذين يحكمونهم منذ فترة طويلة.إنها مقارنة ملفتة ولكنها ضبابية لسببين: أولاً، كان سكان أوروبا الشرقية ينتفضون ضد الإرث السياسي السوفياتي في بلدانهم وضد أنظمتهم الخاصة في آن، ثانياً، أراد الغرب بقيادة الولايات المتحدة أن تسقط الأنظمة الشيوعية في أوروبا الشرقية، لأن أي حدث مماثل سيسرّع هزيمة السوفيات في الحرب الباردة في المقابل، لا يمكن اعتبار أن سقوط الأنظمة العربية اليوم يصب في المصلحة الاستراتيجية الغربية لأن معظم الدول العربية قائمة على المساعدات العسكرية والسياسية الغربية. تلعب بعض الأنظمة العربية، على الرغم من طبيعتها الاستبدادية، دوراً محورياً في صون المصالح الاستراتيجية الحيوية الغربية في الشرق الأوسط- بما في ذلك احتواء التطرف الإسلامي، وضمان تدفق إمدادات النفط الخليجي بكل حرية إلى الأسواق الدولية، وعدم تصعيد المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين، إلى حين تبدّل المقاربة الاستراتيجية الغربية تجاه المنطقة بشكل جذري، وبالتالي تغيير المقاربة التي تدافع عن الديمقراطية ولكنها تطبق في الوقت نفسه سياسة المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار، لن تتحقق التوقعات القائلة بأن ربيع العرب سيفرض تغييراً حقيقياً في بلدان محورية عدة من المنطقة.السبب الخامس: لا وجود لأي أفكار جديدة لإلهام المنطقةلقد اجتاحت النزعة القومية العربية أنحاء الشرق الأوسط خلال الخمسينيات والستينيات، فنشرت أفكاراً جديدة عن التنمية الوطنية في المنطقة ككل، غداة انهيار الحكم الاستعماري الأوروبي، كانت مصر وتونس في صلب هذه التجارب العلمانية التي تساهم في بناء الأوطان، سرعان ما تلاشى زخم القومية العربية في المنطقة خلال السبعينيات والثمانينيات، عندما برز خليط من الرأسمالية الليبرالية والنزعة الإسلامية، لم يكن إقدام محمد بوعزيزي في تونس على إضرام النار في نفسه متعلقاً بالديمقراطية تحديداً، بل بالمفهوم الإسلامي المترسخ عن العدالة الاجتماعية، فضلاً عن نقص الفرص الاقتصادية المربحة التي يستحيل تحقيق العدالة من دونها.وباستثناء الدول الخليجية الغنية، شهد العالم العربي حالة جمود هائلة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، لدرجة أن معظم الأنظمة خسرت كل شرعية لها بنظر شعوبها.
الآن وقد تنحى حاكما البلدين بعد قضاء عهد طويل في السلطة، إلى أين سيصل التونسيون والمصريون بعد هذه الثورات العربية التي لم يكن لها زعيم محدد، وكيف سيؤثرون في تغيير أنظمة الحكم في البلدين؟ عملياً، شملت جميع الثورات السابقة في هذه المنطقة ظاهرة الانقلاب العسكري السياسي. لكن على عكس الثورات السابقة، لم تكسب القومية العربية ولا الإسلام المتطرف تأييد الشعوب هذه المرة، صحيح أن ربيع العرب يوسّع هامش الديمقراطية أو التعددية السياسية، حيث يحصل الناخبون على فرصة حقيقية لانتخاب حكام جدد، لكن تقل المؤشرات على أن الجماعات السياسية التي تتنافس في تلك الانتخابات ستقدم أي حلول ناجحة تمهيداً لإنشاء قيادة جديدة في تلك الدول وتغيير الحكم بشكل فاعل.
|
|