الحالــــــــة العاديــــةللشرطــــةالقضائيــــــة
لم يتعرض القانون بنص صريح لقيام الضباط السامين للشرطة القضائية بالبحث التمهيدي إذا كانت الجريمة موضوع البحث غير متلبس بها، ويبدو أن الأمر يقتضي التفريق بين أعضاء النيابة العامة وبين قاض التحقيق.
فبالنسبة لوكيل الملك والوكيل العام للملك ونوابهما يمكن لهم القيام بالبحث التمهيدي بصفتهم ضباطا سامين للشرطة القضائية وذلك استنادا للفقرة الثانية من المادة 40 من قانون المسطرة الجنائية التي جاء فيها"...يباشر بنفسه أو يأمر بمباشرة الإجراءات اللازمة للبحث عن مرتكبي المخالفات في القانون ا لجنائي،ويصدر الأمر بضبطهم و تقديمهم ومتابعتهم.
كما ينص قانون المسطرة الجنائية في الفقرة الرابعة من المادة 40 على أنه" يحيل ما يتلقاه من محاضر وشكايات ووشايات وما يتخذه من إجراءات بشأنها إلى هيآت التحقيق أو إلى هيآت الحكم المختصة أو يأمر بحفظها بمقرر يمكن دائما التراجع عنه. أما بالنسبة لقاض التحقيق فلا تمنح له صفة ضابط سام للشرطة القضائية القيام بالبحث التمهيدي في غير حالة التلبس.
الفرع الثاني: ضباط الشرطة القضائية
نصت المادة 20 من ق م ج على أنه يحمل صفة ضابط الشرطةالقضائية:المدير العام للأمن الوطني، وولاة الأمن، المراقبون العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباطها.
ضباط الدرك الملكي و ذووا الرتب فيه وكذا الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة و مركز للدرك الملكي طيلة مدة القيادة.
البشوات والقواد.
يمكن تخويل صفة ضابط للشرطة القضائية:
لمفتشي الشرطة التابعي للأمن الوطني ممن قضوا على الأقل ثلاث سنوات بهذه الصفة بقرار مشترك صادر من وزير العدل ووزير الداخلية.
للدركيين الذين قضوا على الأقل ثلاثة سنوات من الخدمة بالدرك الملكي وعينوا رسميا بقرار مشترك لوزير العدل وسلطات الحكومية المكلفة بالدفاع الوطني، ومن خلال هذا الفصل يمكن تصنيف ضباط الشرطة القضائية إلى ثلاثة أصناف.
الصنف الأول:
المدير العام للأمن الوطني وولاة الأمن والمراقبون العامون للشرطة وعمداء الشرطة و ضباط الشرطة.
ويبدو أن الدرجات المهنية هي التي تتحكم في منح صفة ضابط الشرطة القضائية للموظفين المنتمين للأمن الوطني، وأن أدنى درجة يحملها موظف الأمن الوطني ليكون مؤهلا تلقائيا لمهام الشرطة القضائية هي رتبة ضابط شرطة. ويضاف إليهم بصفة تبعية مفتشوا الشرطة الذين قضوا على الأقل ثلاث سنوات من العمل بصفتهم مفتشي الشرطة و عينوا بقرار خاص مشترك بين و زير العدل ووزير الداخلية ويعهد إليهم بممارسة جميع الإجراءات المخولة قانونا لضباط الشرطة القضائية في نطاق البحث التمهيدي والبحث في حالة التلبس ولا يتم الفصل بينهم فيما يتعلق بممارسة هذه المهام وفقا لما جرى به العمل القضائي(2)
الصنف الثاني : ضباط الدرك الملكي و ذووا الرتب فيه وكذا الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة أو مركز للدرك الملكي طيلة مدة هذه القيادة.
والملاحظ أن الأمر يتعلق برتب عسكرية، فضابط بالدرك الملكي هو ملازم أول فما فوق، أما ذووا الرتب فهم كل من علت رتبتهم عن رتبة رقيب لأن هذه الدرجة هي أدنى تصنيف عسكري لرجال الدرك الملكي، وكلما حصل الدركي على رتب أعلى (كرقيب أعلى) أصبح ذا رتبة وبالتالي خول له صفة ضابط شرطة قضائية، علما كذلك أن الدركي من درجة رقيب فقط يمكنه أن يمارس مهام ضباط الشرطة القضائية إذا كان يتولى قيادة فرقة أو مركز للدرك الملكي طيلة مدة هذه القيادة، وصفته هنا كضابط للشرطة القضائية مرتبطة بممارسته لمهامه القيادية، كما تخول للدركي العادي صفة ضابط للشرطة القضائية إذا عين إسميا بقرار مشترك لوزير العدل والسلطة الحكومية المكلفة بإدارة الدفاع الوطني، و لا يمكن تعيينه إلا إذا كانت له أقدمية ثلاث سنوات على الأقل في ممارسة مهام الدرك الملكي.
واستنادا للفصل 116 من قانون الدرك الملكي فإنه تضاف إلى الشروط الأخيرة المرتبطة بحمل الدركي لصفة ضابط الشرطة القضائية تأديته لامتحان يؤهله عمليا لذلك، كما جرى العمل على أن الدركيون يؤهلون لهاته المهام بناءا على ممارستهم لتكوين خاص يتم تلقينه بمعاهد الدرك الملكي
الصنف الثالث: البشوات والقواد
ويتمثل هذا الصنف من ضباط الشرطة القضائية في موظفي الإدارة الترابية الذين يمثلون السلطات المحلية الخاضعين إداريا إلى وزارة الداخلية، ويعين العامل على رأس هرم السلطات المحلية بالمناطق الحضرية تحث إشراف الوالي، والباشا في مناطق شبه حضرية على رأس الهرم الإداري للقواد. بحيث أنه يعتبر إداريا الرئيس المباشر للقواد.
في حين أن القواد ينصبون إداريا في المناطق الحضرية والقروية على حد السواء و يمارسون مهامهم بالمناطق الحضرية في المقاطعات. بحيث أن كل قا ئد يعتبر الرئيس المباشر لكل مقاطعة ويعمل تحت إمرته خليفة القائد والشيوخ والمقدمين في حين أن زميله بالمناطق القروية يمارس مهامه في القيادات. و قد خول المشرع في نطاق ممارسة أعمالهم كضباط الشرطة القضائية جميع الصلاحيات المخولة قانونا لضباط الشرطة القضائية. إلا أنه عمليا يعتبر القواد - خصوصا في المجال القروي- هم الأكثر ممارسة لهاته المهام من خلال المحاضر المنجزة من قبلهم والمرتبطة بالمجال الزجري.
وذلك على عكس البشوات الذين يمارسون مهامهم كرؤساء للقواد ويصدرون لهؤلاء الأخيرين الأمر من أجل إنجاز هاته المحاضر. أما على صعيد المدار الحضري فإن القواد يساهمون بجدية استنادا لسلطتهم كضباط للشرطة القضائية في المجالات الأخرى التي تخرج عن نطاق المجال الجنائي كمخالفات التعمير وزجر الغش وما عدا ذلك من المجالات التي تدخل في نطاق القوانين الخاصة. وتجدر الإشارة إلى أن النيابة العامة و بفعل السياسة الجنائية التي تتبعها خصوصا فيما يتعلق بالميدان الجنحي تتدخل من أجل مصلحة العدالة لتحت جميع عناصر الشرطة القضائية بما فيها هذا الصنف من الشرطة القضائية المتمثل في البشوات والقواد من أجل القيام بجدية وبفعالية بالمأمورية المناطة بهم بقوة القانون، وذلك في إطار المساهمة في محاربة ظاهرة استفحال الجريمة خصوصا وأنهم يتوفرون على مجموعة من الإمتيازات لا تتوفر عليها باقي فئات الشرطة القضائية والتي نورد بعضا منها على سبيل الذكر لاالحصركمايلي:
1- وجود عناصر فعالة وقوة مساعدة تعمل تحت إشرافهم ومأموريتهم ونخص بالذكر كل من المقدمين والشيوخ.
2- وجود عناصر مهمة وعددها هائل من عناصر القوة العمومية المتمثلة في القوات المساعدة تحت إمرتهم وإشرافهم المباشر يساهمون بجدية في تنفيذ الأوامر و تسهيل مأمورية البحث التمهيدي والحراسة النظرية.
3- وجود أعداد هائلة من القيادات والمقاطعات موزعة على المدار القروي والحضري وذلك بشكل أكثر قربا والتحاما مع الساكنة. بحيث أن كل جماعة تتوفر على قيادة أو مقاطعة حضرية إضافة إلى العدد الهائل من البشوات الأمر الذي يزيد من العدد الإجمالي لها عن مثيلها المخصص سواء لمراكز الدرك الملكي أو لدوائر الش رطة القضائية(3).
4- توفر كل قيادة أو مقاطعة على جهاز إداري مهم يتضمن كتاب وموظفين يعملون تحت إمرة البشوات والقواد يختصون بالمساعدة في إنجاز البحث.
وعموما فضباط الشرطة القضائية بأصنافها الثلاث تلعب دورا بارزا في مكافحة الجريمة نظرا للإختصاصات المهمة الموكولة إليها، فهي التي يصل إليها خبر ارتكاب الجريمة ، إما بواسطة شكايات أو وشايات أو أية وسائل أخرى كالصحافة وحديث الجمهور، بشرط ألا يكون قاضي التحقيق قد وضع يده فعلا على القضية ( الفصل 75 ق م ج )، وهي تقوم بذلك إما تلقائيا أو بناء على تعليمات من وكيل الملك. وفي هذا النطاق يمكن أن تباشر جميع الأعمال المشروعة أخد بصمات وآثار الأقدام واستعمال الكلاب البوليسية، ومن الأعمال الغير الشرعية التجسس واستراق السمع والتظاهر بشراء مخدر واستعمال آلات التسجيل، وهي أعمال لا تقبل مح اضرها إلا إذا كانت صحيحة من حيث الشكل(4).
وتقوم هذه الفئات بصلاحية البحث التمهيدي وتمارسها في حدود الترابية التي تزاول فيها مهامها، ما لم يتعلق الأمر بحادث استعجال أو بالدائرة الحضرية التي توجد فيها عدة مقاطعات للشرطة القضائية، حيث يمكن في حالة الإستعجال لضباط الدرك وضباط الشرطة القيام بمهامهم في جميع أنحاء المغرب بناء على طلب من السلطة العامة، وعندما تكون هناك عدة مقاطعات للشرطة القضائية في دائرة واحدة تمتد اختصاصات ضباط الشرطة إلى مجموع الدائرة القضائية.
أما إذا باشرت هذه الطائفة عملا خارج حدود اختصاصها فإنه لا تقوم الحجة و يمكن إبطاله لأنه يعتبر كما لو صدر من طرف الناس، ومع ذلك فإن ضابط الشرطة القضائية يستطيع مباشرة ووظيفته خارج نطاق اختصاصه لعدم وجود نص يمنع ذلك، ولكن في الحالة التي يكون فيها هو المختص بالبحث في الجريمة يكون من حقه أن ينيب عنه شخصا آخر للقيام بالإجراء .
كما أن هؤلاء الضباط المشار إليهم يملكون الصلاحية للقيام بمهام الشرطة القضائية في سائر الجرائم دون تحديد، وبذلك فان صلاحيتهم عامة.