عقوبو تزوير أختام الإدارات في القانون المغربي
للإحاطة بموضوع عقوبة تزوير أختام الإدارات في القانون المغربي، فيما يلي حوار مع المحامي مراد العبودي محام بهيأة الرباط.
ما تعليقك على جرائم تزوير أختام الإدارات؟
التزوير في أختام الإدارات، وسيلة يستعملها كثير من الخارجين عن القانون لتحقيق مآربهم ومصالحهم الشخصية، كالاستيلاء على العقارات عبر تزوير أختام المصادقة على توقيع عقود البيع، أو في حالة السفر إلى الخارج بتزوير أختام إدارية للحصول على شهادة عمل مثلا، وغيرها من الأساليب لتحقيق منافع وامتيازات في شتى المجالات.
فهذه المحررات المزورة تستعمل في جميع الميادين وغالبا ما ينكشف أمرها ويكون مصير الجناة السجن، إلا أنها في بعض الأحيان تستعمل في إدارات دون معرفتها ولا يتم كشفها، إلا بعدما يتم القبض على الجناة ويعترفون بها، وتترك أثرا وخيما على الأفراد والمجتمع لما تحدثه من مراكز قانونية مزيفة ووهمية، وكذا مساسها بالمصلحة العامة وخلالها بالثقة العامة بين المواطن والإدارة.
يلاحظ تباين في العقوبات، مرة مشددة وفي قضايا أخرى مخففة، ما رأيك؟
أفرد المشرع المغربي نصوصا جزائية لعقاب مرتكبي جريمة تزوير أختام الإدارات، وقد ميزها وفقا لمحل الجريمة، إذ شدد عقوبة تزوير أختام الدولة في الفصل 342 من القانون الجنائي وجعل العقوبة هي السجن المؤبد، في حين خفف عقوبة تزوير أختام المصالح الإدارية فاعتبرها فقط جنحة ونص عليها الفصل 357 من القانون الجنائي المغربي وعقوبتها تتراوح بين سنة حبسا نافذا وخمس سنوات سجنا. كما أن المشرع ميز بين فعل التزوير واستعمال الوثيقة المزورة وجعلهما جريمتين مستقلتين عن بعضهما، وأفرد لكل واحدة منهما نصا خاصا. فجريمة التزوير عاقب عليها المشرع في الفصلين 342 و357، أما جريمة استعمال وثيقة مزورة فنص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 356 و359 ، لكن القضاء في تطبيقه للنصوص، غالبا ما يقع في الخلط بين جريمة التزوير وجريمة استعمال الزور، خصوصا في ما يتعلق بالتقادم، إذ غالبا ما يطبق تقادم الجريمة الأولى على الجريمة الثانية، ما يؤدي إلى ضياع حقوق الأفراد خصوصا الحقوق العينية التي ترد على العقارات المحفظة.
ما سبب ارتفاع هذا النوع من الجرائم؟
جعل التطور الرقمي والتكنولوجي وتوفر الأجهزة الإلكترونية بكثرة، جريمة تزوير أختام الإدارة تنتشر في الفترة الأخيرة بشكل مهول، وأصبح الجناة يمارسون هذا النوع من الجرائم في شكل عصابات منظمة، وأحيانا تكون عابرة للحدود، مثل العصابة التي تم إلقاء القبض على عناصرها بشتى أقاليم المملكة كالبيضاء والفقيه بنصالح وأكادير…، التي تبين أنها متخصصة في الهجرة غير المشروعة وإنجاز الوثائق الإدارية المزورة. هذا كله يؤدي إلى زعزعة ثقة المواطن بالإدارة، وبالتالي ثقته بالوثائق الإدارية، ما يهدد استقرار المجتمع، ويستدعي الجهات المعنية للتدخل بشكل عاجل وصارم من أجل اتخاذ الإجراءات التي من شأنها حماية المجتمع من هذه الآفة، بتطوير الإجراءات التقنية والفنية ووسائل ضمان وحماية الوثائق والمستندات الإدارية، كالاستعانة بأوراق تحمل مواصفات خاصة كالعلامات المائية وسلك الضمان وأيضا تطوير وتحديث النصوص القانونية، وجعلها تتلاءم مع خطورة الجريمة من جهة وخصوصيتها من جهة أخرى، حتى تستطيع تحقيق غايتها في محاربة الجريمة والحد منها وتعزيز الثقة بين المواطن والإدارة .
أجرى الحوار : مصطفى لطفي - جريدة الصباح