جمعية حقوق المُشاهد تتجدد في أفق محاكمة جماهيرية للتلفزيون

جمعية حقوق المُشاهد تتجدد في أفق محاكمة جماهيرية للتلفزيون

تستعد الجمعية المغربية لحقوق المشاهد لدخول مرحلة جديدة من مسارها النضالي، وذلك بعد مرحلة التأسيس التي اتسمت باعتماد أساليب التحسيس والتوعية وتشخيص الوضع الذي يعيشه التلفزيون المغربي في علاقته مع المشاهد، حيث قامت الجمعية ـ خلال سنواتها الثلاث الأخيرة ـ بمبادرات ذات دلالة قوية، من بينها رفع دعوى قضائية من أجل حمل القناة الثانية على إيقاف بث الكاميرا الخفية "طاكسي 36"، وتنظيم ندوات فكرية وموائد مستديرة حول حقوق المشاهد المغربي، والمنتوج المرئي الوطني خلال رمضان، وصورة المرأة في التلفزيون.

وتبدو معالم طبيعة المرحلة الجديدة في تنويع أعضاء المكتب التنفيذي الجديد للجمعية الذي يضم، بالإضافة إلى فنانين ومثقفين وموظفين وفاعلين جمعويين، إعلاميين فاعلين في المشهد الثقافي والسمعي البصري الوطني من شأنهم أن يساهموا في إعطاء قيمة مضافة للمسار التعبوي التحسيسي والنضالي للجمعية، يتعلق الأمر بهشام لعبودي والطاهر الطويل وعبد العزيز بنعبو، الذين انتخبوا على التوالي: كاتباً عاماً ونائباً للرئيس وأميناً للمال.

وتكمن أهمية هذه المرحلة أنها سوف تتميز بجهود إضافية مرتقبة من لدن الإعلاميين الثلاثة، الذين دأبوا على تقديم رؤى نقدية عميقة للمنتوجات التلفزية المغربية من مواقعهم كإعلاميين وكمسؤولين في هيئات ثقافية وجمعوية أخرى.

وأكد مصدر مطلع لـ"هسبريس" أن الجمع العام الذي تُوّج بانتداب مكتب تنفيذي جديد عشية الجمعة الأخيرة (02 شتنبر 2011)، تحول إلى نقاش عميق حول كيفية التعامل مع مضامين القنوات التلفزية العمومية بالمغرب، والتي اعتبر المتدخلون أنها تبتعد كثيرا عن انتظارات المواطن المغربي. كما أفاد المصدر المذكور أن الجمعية المغربية لحقوق المشاهد بصدد إعداد خطة عمل استعجالية في هذا الإطار، سيعتمدها المكتب الجديد المنتخب الذي يضم في عضويته أيضا الأستاذ المصطفى بنعلي (فاعل في الشأن الإعلامي) رئيساً للجمعية، ومحمد الشوبي (ممثل وكاتب) نائبا للرئيس، ومحمد توفيق عمور (باحث فني وشاعر غنائي) نائبا للكاتب العام، والدكتورة فاطمة الزهراء شعبة (طبيبة) نائبة لأمين المال، كما يضم المكتب ثلاثة مستشارين هم: إبراهيم إغلان (باحث وناقد) وبشرى الخياري (فاعلة جمعوية) وجمال الطويسي (فاعل جمعوي).

ويلاحَظ أن المرحلة الجديدة لمسار الجمعية تندرج في سياقين اثنين هما: الحراك العربي الحالي وما يحمله من آمال وطموحات، وحالة الاستياء والتذمر التي خلفتها الإنتاجات التلفزيونية المقدمة خلال شهر رمضان الأخير. وبهذا الخصوص، توقف أعضاء المكتب الجديد كثيرا عند الضعف الشديد الذي طبع تلك الإنتاجات، علاوة على استخفافها بالمشاهد المغربي وتكريسها لقيم تحط من مكانة المواطن عامة والمرأة خاصة، لافتين الانتباه إلى أن شبكة البرامج الرمضانية الأخيرة جسدت ابتعادا ملموسا عن دفتر التحملات ومقتضيات العقد/ البرنامج الذي يربط المؤسسات التلفزيونية العمومية مع الدولة، وغلّبت الترفيه الرخيص والمنحط على شروط الخدمة التلفزيونية المتوازنة التي تقتضي الالتزام بالإخبار الموضوعي والتثقيف الشامل والترفيه الهادف.

كما تساءل متدخلون في الجمع العام المشار إليه سابقا، عن سر "إفراط" مسؤولي التلفزيون المغربي العمومي في التعامل مع شركات إنتاج بعينها، داعين من جهة إلى البحث عن مدى شفافية الصفقات التي تُبرم مع تلك الشركات، ومن جهة ثانية إلى استقصاء مدى توفر الإنتاجات التي تنفّذها على مقومات الجودة والجدة والابتكار.

وفي رأي بعض أعضاء المكتب التنفيذي الجديد للجمعي، فإن المسؤولين الحاليين للقنوات التلفزيونية العمومية "يغردون خارج السرب"، بتجاهلهم لخصوصية المرحلة التي يمر منها المغرب خصوصا والعالم العربي عموما. ومن ثم، جرى التنصيص على ضرورة تكثيف العمل ميدانيا وإعلاميا وقانونيا، من أجل أن يكون الإعلام البصري المغربي إعلاماً مواطناً بالفعل، حتى يسترجع المواطن ثقته في قنواته العمومية، عوض أن يبحث عن ضالته في فضائيات عربية أخرى.

وكشف مصدر من الجمعية المذكورة لـ"هسبريس" أن من بين أهم خصوصيات المرحلة الجديدة الانفتاح على الشبكات الاجتماعية في الإنترنت لتحسيس مختلف فئات المجتمع المغربي وكذا المغاربة المقيمين بالخارج بالحقوق التي يقرها لهم القانون في إعلامهم البصري العمومي، في أفق تطوير أساليب المطالبة باحترام حقوق المشاهد في مجالات الإخبار والتثقيف والترفيه، إن على مستوى القانوني أو الجماهيري؛ وذلك بالإضافة إلى الأساليب التقليدية المعتمدة في هذا الإطار.