رسالة إلى الجميع اسمها الأمـــــــــــــن الوطــــــــــــني اعترافا بتضحياتهم

الرسالة الموجهة اليوم هي للمجتمع المدني، وللهيئات السياسية ولممثلي الشعب في البرلمان ومجلس المستشارين بمملكتنا العزيزة، نابعة من قلب واحد، وضمير واحد، وجسم واحد... اسمها الأمن الوطني، هدفه حماية التراب الوطني والدفاع عن حوزة الوطن بالغالي والنفيس من أعداء وحدتنا الترابية.
فعددهم يفوق 60 ألف موظف، يشتغل كل واحد منهم بمفرده لحماية المغاربة. هذه طبقة من الموظفين قلما نستمع إلى شكواها وغالبا عندما يتم ذكر اسمها فإن ذلك يكون مقرونا إما بتجاوزات أو اعتداءات. فليس كل رجال الأمن سواء، فمنهم الصالح ومنهم الطالح ومنهم المحسن والمسيء ومنهم البر والفاجر، وهكذا الناس في طبائعهم وأيضا منهم الحنون اللطيف ومنهم القاسي الفظ فلا ينبغي إذن أن نعمم حكمنا عليهم بسبب بعض التصرفات من بعضهم وأن نجعل ذلك حكما عاما.
إن المطلوب من المجتمع المدني والفرق السياسية والهيئات الحقوقية وممثلي الشعب هو التقرب من هذه الشريحة من الموظفين ومعرفة مشاكلها ومساعدتها حتى تتمكن من تأدية مهامها لإنجاح مهمتها ودورها الطلائعي في تجسيد وتطوير مؤسسة دولة الحق والقانون. فلينظر المواطن إلى هذا الرجل الذي يرتدي بدلة الأمن في أوساط الإدارة والأزقة والشوارع والأماكن العمومية، في مفترق الطرق في كل مناحي البلاد، لا ترهقه شمس ولا يزحزحه برد قارس، ولا يأخذ من عنائه ليل ولا من صبره نهار، لا يرفع الشارات للمطالبة بحقه المشروع ولا يبكي أمام النقابات ولا يكسر زجاج السيارات ولا يتأخر عن مواعيد عمله بثانية واحدة ولا حتى بنصف الثانية.

نفاق الأحزاب
إن رجال ونساء الأمن (شرطة، مفتشين، ضباط، عمداء وحتى ولاة) لا يعرفون معنى الإضراب ولم يطالبوا ولو مرة واحدة بتصفية ملفاتهم أو إعادة النظر في وضعيتهم منذ أن ولجوا صفوف الوظيفة العمومية.
هذه الفئة من الموظفين لم تخض كما يخوض المضربون كما يوم وفي كل شهر أو كل سنة، مخواقف ضارة ضد مؤسستهم وهذا الأمر يزيد على أكثر من أربعين سنة.
على المجتمع المدني بجميع فعالياته أن لا يغفل على أن جل رجال ونساء الأمن، وكذلك العاملين بهذا القطاع كله، شباب مثقف، حاصل على شهادات تؤهلهم لمناصب مهمة بالقطاع الخاص وكذلك القطاع العام، وجل هؤلاء الشباب الموجودين في الدوائر أو المخافر أو الإقليميات الأمنية لهم مؤهلات ضخمة في التسيير والتدبير، ولهم تكوين عالي في القانون الخاص والقانون العام، ولعله من واجبنا أن ندافع عنهم وعن حقوقهم.
إن الشرطي المغربي يدافع عن أنبل المواقف التي تشغل المدافعين عن حقوق الإنسان وإنه يشارك مشاركة فعالة في ترتيب الأمن الذي هو أساس دولة الحق والقانون. فمتى يحس المجتمع المدني الظن بقوات الأمن الوطني؟
خلال السنين المنفرطة شاهدنا مجموعة من المتحزبين والمتسيسين وهم يصفقون في المؤتمرات تأييدا لمبادئ حقوق الإنسان ودولة الحق والقانون، ورأينا شعارات تندد بالخروقات ووو... وكلما نظمت أحزاب عروضها أو نقابات خطاباتها إلا والواقفين وراءها وأمامها وبجانبها يصفقون موافقين على مبادئ تكريس الديمقراطية والشفافية وينددون بالطريقة التي يتدخل بها رجال الشرطة في حالات القبض على المجرمين والمهربين بأنها غير ديمقراطية. كيف يريد هؤلاء المتسيسون أن تتدخل الشرطة للقبض على المجرمين بالموسيقى الكلاسيكية أو برقصة الصامبا البرازيلية أو الدقة المراكشية ومشموم ديال الورد باركة من النفاق ولنكن واقعيين !! كما علينا أن لا ننسى التضحيات الجسام، التي تقدمها أسرة الأمن في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار بالبلاد، والسهر على احترام القانون، وضمان سلامة الأشخاص والممتلكات.
في السنوات الأخيرة اعتمدت الإدارة العامة للأمن الوطني، مفهوم الشرطة المجتمعية لتطبيق فلسفة القرب والاستجابة لحاجيات المواطنين الأمنية اليومية بالسرعة المطلوبة. وشكل تطوير آليات العمل وتقنيات التدخل، وتوسيع نطاق مجالات الوجود الميداني، وتطوير مناهج التكوين وتأهيل العنصر البشري، وحسن تدبير الموارد البشرية محط اهتمام دائم بالنسبة لمؤسسة الأمن الوطني منذ إحداثها. وعرفت هذه المؤسسة، خلا السنوات الأخيرة، تحولات كبيرة همت بالأساس تدعيم الموارد البشرية بالعنصر النسوي، إذ تقلدت المرأة إلى جانب الرجل مسؤوليات ومهام أبانت فيها عن قدراتها وكفاءاتها. كما جرى، أيضا، ملاءمة النظام الخاص بموظفي الإدارة العامة للأمن الوطني مع ما يستجيب لتطلعات الإرادة الملكية السامية في توفير جميع الوسائل المادية والمعنوية لرجال الأمن الوطني حتى يقوموا بمهامهم على الوجه الأكمل.