انتصر الليبيون هناك .. وابتهج المغاربة هنا
مد "فريد"، الرجل الخمسيني، يده من خلف الجموع المتحلقة حول الكشك، والتقط جريدة، ثم ما لبث أن همهم مبتسما "لن يكتبوا عنه اليوم، الخبر لا يزال طازجا".
وعلى امتداد شارع محمد الخامس ، هنا في مدينة الرباط، كانت الحياة تنساب هادئة، في صباح يوم أمس،لا يعكر صفوها شيء، حين تناقلت وسائل الإعلام (الخبر العاجل).
في متن الخبر جملة قصيرة "مات القذافي" وفي التفاصيل حكايات طويلة عن حرب ضروس قادها رجل واحد ضد شعب بأكمله.
يقول العارفون بخبايا النفوس إن الرجل كان مصابا "بعقدة العظمة"، ويؤكد آخرون أن تركيبته النفسية كانت من الإستعصاء بحيث يصعب تصنيفها في خانة مرضية، أيا كانت.
وحين تنحى فريد جانبا ليطالع عناوين الجريدة، انطلقت الألسن حوله تلهج بالدعاء للشعب الليبي أن "يعوض الله صبره خيرا".
"من حق الليبيين أن يعيشوا أحرارا في بلدهم"، يقول آخر، فيما تندفع التعليقات العفوية من هنا وهناك تعبيرا عن الإبتهاج بانتصار الشعب الليبي الذي "افتقدناه كثيرا"، يقول رجل ألقى نظرة على عناوين الجرائد ومضى.
وبعيدا عن الشارع، في الأحياء والازقة، تقرأ في عيون الناس فرحا أخويا يسكن القلوب، "لأن الليبيين إخوتنا" و"جديرون بحياة كريمة تناسب كل التضحيات التي بذلوها"، تؤكد شابة عشرينية.
تقسم "هبة" أن ليس بينها وبين العلاقات الدولية إلا "الخير والإحسان"، لكن كيانها ارتج فرحا حين أعلن المجلس الوطني الإنتقالي الليبي عن مقتل القذافي ودخول ليبيا حقبة جديدة.
في ذلك الصباح، وحين نفذ رصيد المكالمات في هاتفها النقال، استعارت هاتف أخيها الأصغر وأرسلت لصديقاتها الخبر العاجل "ليبيا أصبحت حرة"، فيما استقبل هاتفها سيلا من الرسائل النصية القصيرة.
يقول المختصون إن مشاعر التعاطف مع الشعب الليبي والإبتهاج بانتصاره، التي عبر عنها المغاربة في بيوتهم ونواديهم العامة، أظهرت، بجلاء وبلا مواربة ولا مداهنة ولا التواء، عمق الروابط المتينة التي تلحم الشعبين.
" ندرك قيمة الديمقراطية لأننا نعيشها في تفاصيل حياتنا، ألسنا نموذجا للديمقراطية في المنطقة برمتها؟ كيف لا نفرح بانضمام بلد شقيق إلى نادينا؟"، يتساءل "محمود".
كان محمود ينتظر إشارة المرور، متأبطا حقيبته، حين قال - في ما يشبه الشعر- "هي الشمس ذاتها لا تزال تشرق على العالم كل يوم، والكون ومجراته في حركة دائبة منذ بدء الخليقة، لم يحدث كسوف ولا خسوف ولا خسف للأرض حين قتل القذافي".
بقي في الحكاية فصل قصير: كيف حال الذين راهنوا على انتصار العقيد؟ وإلى ما سيصيرون غدا؟ يقول الشاعر : ستريك الأيام ....
سمير بنحطا - و م ع (عدسة: أم ب بريس)