الإنطباع الأول
يقولون عن الإنطباع الأول أنك أن لن تحصل أبدا على فرصة أخرى لكي تعطي عن نفسك انطباعا أول .. كما أنك تعرف جيدا أن الإنطباع الأول يدوم طويلا !! و من هنا تبدو أهمية الإنطباع الأول .. ما هو الإنطباع الأول ؟ و كيف يمكن أن يؤثر على التواصل ؟ هل هناك طريقة لتعطي إنطباعا رائعا عن نفسك ؟ هل حقا الإنطباع الأول يدوم ؟ هذا ما أناقشه فيما يلي .
في مرحلة الإعدادية و الثانوية كنت أعاني كثيرا من أخذ انطباع أول سيء عني ، فملامحي الصارمة و سكوتي الذي قد يطول في بعض الأحيان ، و غياب ابتسامة اللقاء الأول .. كل هذه الأمور كانت كفيلة أن تعطي للآخرين انطباعا سيئا عني ، و قد اشتركوا في شيء أنهم يرون أنني متكبرا أو متعاليا أو شيء من هذا القبيل ، كثيرا ما وصلني هذا التعليق ، في مرحلة الجامعة و بعد الاهتمام ببعض الأمور التي أصبحت طبيعة في و ليست مختلقة تغير الحال كثيرا من حيث إعطاء إنطباع جيد ، بل و رائعا في بعض الأحيان . لكن هناك جانب آخر في العلاقة .. هل أنا أصنع انطباعا صحيحا عن الآخر من البداية ؟
دعني أوجه الحديث إليك – أعرف أنك لا تحب أن أتحدث عن نفسي كثيرا – هل أنت قادر على أن تحكم على الشخص الآخر بطريقة صحيحة من أول لقاء ؟ هل أنت قادر على أنت تعطي إنطباع جيد عنك ؟ هل قلت في مرة ” آآآه ، كيف كنت مخدوعا في هذا الشخص لهذه الدرجة ؟ ! ” أو هل قلت : ” لقد ظلمته .. إنه شخص رائع ! ” إذا أجبت بنعم على السؤالين ؟ فهذا المقال لك .
ما هو الإنطباع الأول ؟
كلمة الإنطباع تعني الشعور الذي يجيء كردة فعل للمؤثر الخارجي ، و عليه فالإنطباع الأول هو ما تشعر به تجاه شخص آخر عند لقاءه لأول مرة ، و كذلك هو أيضا يكون عنك انطباع أول . لا يقتصر الانطباع الأول على التواصل وجها لوجه فقط ، بل يمكنك أن تصنع انطباعا أول عني و أنت تقرأ مقالي الآن ، يمكنك أن تتخيل شكلي و ملابسي .
بغض النظر عن أهمية الإنطباع الأول يكفي لك أن تعرف أنك تقوم بتكوين مئات الإنطباعات يوميا ، قد تكون صحيحة ، و قد تكون غير صحيحة . يحدث الإنطباع على مستوى العقل اللاواعي و هنا تكمن السلبية الأولى فعليك أن تخاطب العقل اللاواعي للطرف الآخر ، و أن تستخدم عقلك الواعي في فهم الشخص الآخر .
ما هو تأثير الإنطباع الأول على التواصل ؟
الانطباع الأول يدوم طويلا ، و عليه يتم بناء عملية التواصل مع الآخر ، فمن كونت عنه إنطباع أنه شخص سيء لن تتعامل معه بسهولة ، و العكس فمن كونت عنه إنطباعا حسنا تنجذب إليه بسهولة و هكذا . لكن من المعروف أنه كثيرا ما نقول لقد ظلمت فلانا إنه شخصية رائعة ، أو للأسف خدعني فلان بمظهره !!
و لأن الإنطباع الأول يدوم طويلا ، فيجب أن نعطي لأنفسنا فرصة كافية لتكوين فكرة صحيحة عن الشخص ، فلنجعل اللقاء الأول لمتابعة التصرفات و تقبل الشخص الآخر كما هو ، و نجعل الأيام ترينا حقيقة هذا الشخص بدون تكوين انطباعات سريعا ما نجدها خاطئة و تصيبنا أضرارا قد لا نتحملها.
يروي دكتور ياسر أبو بكر عن أمير الشعراء ” أحمد شوقي ” فيقول :
كان أمير الشعراء شوقي لا يجيد النطق بالعربية كما كان يتقن الكتابة بها ، و ذلك بسبب أصوله التركية ، هذا الأمر الذي جعل حظ التصفيق من نصيب الشاعر ” حافظ ابراهيم ” في أمسيات إلقاء الشعر يكون أكبر و أوفر حظا . و يتكون إنطباع لدى المستمعين أن شعر ابراهيم يفوق شعر شوقي بمراحل ، لكن بمجرد إنتهاء الأمسية و توزيع الأشعار مكتوبة على الحضور يزول هذا الإنطباع و يتحول إلى نقيضه مجمعين على قوة شعر شوقي و روعته .
تلخيصالتسرع في إصدار الأحكام على الآخرين قد يكلفك الكثير ، اعط نفسك فرصة كافية لتتعرف على شخصية الآخر مبتعدا عن النظرة السطحية للغير . كما لا تنسى أن تعطي انطباعا جيدا عنك فهذا هو الأهم ، فالناس تكون الانطباعات بسرعة و الجميع لا يقرأون في مدونتنا ، و بالتالي يكونون انطباعات سريعة !!