Adrem
الإدارة'''''
الجنس : 
دولتي : المغرب
المشآرڪآت : 6210
نقاطي : 23561
سٌّمعَتي : 8
 |  موضوع: ماذا يقيد المجلس العسكري..؟! ل علاء الاسواني 15/7/2011, 06:55 | |
| ماذا يقيد المجلس العسكري..؟! ل علاء الاسواني 
على أن ستة أشهر كاملة مرت على قيام الثورة ولم يتحقق مطلب واحد من مطالبها، بل بدا الأمر أحيانا وكأن المجلس العسكري يدفع بالأمور في عكس اتجاه الثورة. ثم جاء يوم الجمعة 8 يوليوز، فأرسل الشعب المصري رسالة قوية إلى من يهمه الأمر، نزل ملايين المصريين في كل أنحاء مصر يطالبون المجلس العسكري بتحقيق مطالب الثورة.
لماذا تأخر المجلس العسكري في تحقيق مطالب الثورة؟!.. نحن نعرف أن هناك أطرافا إقليمية ودولية تعادي الثورة المصرية وتضغط بشدة من أجل إجهاضها.. بعض الأسر الحاكمة في دول الخليج دافعت عن حسني مبارك إلى النهاية، وهي الآن تضغط على المجلس العسكري من أجل منع محاكمته بأي ثمن.. ربما يدفعهم إلى ذلك نوع من الوفاء لصديقهم مبارك، وربما لأن جمال وعلاء مبارك شريكان لبعض أمراء الخليج في مشروعات تجارية بملايين الدولارات، لكن السبب الأهم -في رأيي- أن الثورة المصرية سوف تغير مفهوم الحكم في العالم العربي كله. من الآن فصاعدا لن يكون الحاكم رمز الأمة ووالد المواطنين وشيخ القبيلة كما يُنظر إليه في الخليج، لكنه سيكون موظفا عاما وخادما للشعب، إذا أخطأ وجبت محاسبته ومحاكمته.
هذا المفهوم الديمقراطي للحاكم إذا انتقل من مصر إلى الخليج سيسبب مشاكل جمة للأسر الحاكمة هناك. إسرائيل أيضا، ومن ورائها الولايات المتحدة، تدفع بكل قوة من أجل القضاء على الثورة لأن التحول الديمقراطي سيجعل من مصر دولة قوية عملاقة تقود المنطقة العربية كلها، الأمر الذي يؤرق إسرائيل بشدة.. هذه الضغوط الخارجية، مهما كانت قوتها، لا تفسر -في رأيي- تأخر المجلس في تحقيق مطالب الثورة، إذ إن المجلس العسكري مهما انتقدنا أداءه السياسي يعكس، في النهاية، روح العسكرية المصرية التي حرصت دائما على استقلال الإرادة الوطنية وتعاملت بحساسية بالغة مع أي تدخل أجنبي في القرار المصري.
ما الذي يقيد المجلس العسكري، إذن، ويمنعه من تنفيذ مطالب الثورة؟! علينا هنا أن نتذكر أن حسني مبارك لم يكن مجرد حاكم مستبد سرق أموال المصريين وأذلهم وأوصلهم إلى الحضيض في كل المجالات.. لقد شكل حسني مبارك نظاما استبداديا يحمل رؤية سياسية محددة تتلخص في التالي:
أولا: الانفراد المطلق بالسلطة
في عام 1986، عين مبارك اللواء زكي بدر وزيرا للداخلية، وقد اشتهر، رحمة الله عليه، بالإضافة إلى قدرته الرهيبة على البطش بالمعارضين، بولعه البالغ بترديد البذاءات وتوجيه الشتائم المقذعة إلى كل من حوله. أثار زكي بدر استياء المصريين جميعا، لكن مبارك كالعادة ظل متمسكا به حتى ألقى بدر كلمة في بنها في شهر يناير 1990، وجه خلالها الشتائم إلى الجميع بطريقة لا يمكن تحملها، ونشرت جريدة «الشعب» نص خطبته البذيئة، فأصدر مبارك قرارا بإقالته. وقد حكى لي رئيس تحرير جريدة «الشعب»، المفكر الكبير عادل حسين، رحمه الله، أنه التقى بحسني مبارك بعد ذلك في إحدى المناسبات، فبادره مبارك قائلا:
ــ إياك أن تعتقد، يا عادل، أن ما نشرته في جريدة «الشعب» كان سببا في إقالة زكي بدر.. أنا الذي قررت إقالته بمزاجي.
هكذا كان مبارك يعتبر الاستجابة للرأي العام نوعا من الضعف الذي يقلل من هيبته كحاكم.. كان حسني مبارك ينفرد دائما بالقرار، ولم يفكر قط في أنه مطالب بتفسير قراراته أمام الشعب. كان ينفرد بتعيين الوزراء وإقالتهم دون إبداء الأسباب، كما أن وزراءه جميعا كانوا بلا صلاحيات، مما جعلهم أقرب إلى أفراد في طاقم سكرتارية منهم إلى مسؤولين حقيقيين. هنا سوف نلاحظ أن المجلس العسكري يمارس نفس مفهوم مبارك للسلطة. بعد أن تنحى مبارك عن الحكم، أجمع فقهاء القانون الدستوري على أن الدستور سقط بسقوط النظام، وأنه لا بد من كتابة دستور جديد عن طريق جمعية تأسيسية منتخبة، لكن المجلس العسكري انفرد بالقرار وشكل لجنة لتعديل الدستور القديم ثم أجرى استفتاء على التعديلات ثم تجاوز نتيجة الاستفتاء بإعلان دستور مؤقت..
ثم انفرد المجلس مرارا وتكرارا بقرارات أقل ما يقال فيها إنها لا تعبر عن رغبة الرأي العام ولا عن فكر الثورة.. قام المجلس بتشكيل حكومة نصف وزرائها على الأقل ينتمون، قلبا وقالبا، إلى نظام مبارك، ثم أصدر حركة تعيين المحافظين، فإذا بهم جميعا من رجال نظام مبارك، وبعضهم من ضباط أمن الدولة الذين انتهكوا حرمات المصريين وأهدروا آدميتهم، وإذا بالمجلس العسكري بدلا من إحالتهم على المحاكمة يكافئهم بتعيينهم محافظين، ثم يحتفظ المجلس العسكري بيحيى الجمل نائبا لرئيس الوزراء، بالرغم من استياء الجميع من أدائه، ويعين وزيرا للخارجية كان يعلن دائما أن مبارك أفضل زعيم في تاريخ مصر..
يتبع...علاء الأسواني - alasswani@almassae.press.ma
|
|
