مدونة السير أمام امتحان حرب الطرق
تزايد عدد القتلى رغم انخفاض عدد حوادث السير والوزارة تشدد إجراءات المراقبة
لم تنجح مدونة السير، التي عانى كريم غلاب الكثير قبل تنزيلها على أرض الواقع، في إخماد حرب الطرق التي تودي سنويا بحياة الآلاف من مستعملي الطرق والراجلين. وسجلت الوزارة، في حصيلة مؤقتة تغطي الفترة الممتدة من غشت 2010 إلى غشت 2011 قدمتها الثلاثاء الماضي، زيادة في عدد حوادث السير المميتة.
وشهدت هذه الفترة ارتفاعا ملحوظا في عدد حوادث السير المميتة، إذ سجلت الوزارة الوصية على قطاع التجهيز والنقل 308 حوادث سير مميتة خلفت 372 قتيلا، أي بارتفاع نسبته 0.65 في المائة.
وقدمت الوزارة كذلك حصيلة للفترة الممتدة من أكتوبر 2010 (تاريخ دخول المدونة حيز التطبيق) إلى غشت 2011 سجلت بدورها ارتفاعا في عدد حوادث السير المميتة، إذ بلغ عددها 2924 أي بزيادة نسبتها 1.67 في المائة، في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السير ليبلغ 3431 قتيلا وهو ما يعادل زيادة نسبتها 0.32 في المائة.
ولم تتوقف نتائج الحصيلة السلبية لمدونة السير عند عدد قتلى حرب الطرق، بل شملت كذلك عدد الضحايا الذين أُصيبوا إصابات بليغة، إذ قفز عددهم إلى 10620 جريحا إصاباتهم بليغة، وهو ما يعادل ارتفاعا نسبته 2.72 في المائة.
وفي السياق ذاته، ذكرت إحصائيات وزارة النقل أن العدد الإجمالي لحوادث السير تراجع بنسبة 9.47 في المائة ليستقر عند 5833 حادثة سير في الفترة الممتدة من غشت 2010 إلى غشت 2011، وتحدثت عما أسمته «انخفاضا ملموسا في عدد حوادث السير واستقرارا في عدد القتلى».
ويرجع ارتفاع عدد حوادث السير المميتة وعدد القتلى إلى عدد من الظروف المرتبطة في الغالب بسلوكات السائقين والحالة الميكانيكية للعربات، علاوة على ضعف البنية الطرقية. وفي مقدمة هذه الأسباب الحالة التقنية المزرية للعربات، وعدم احترام الإشارات الضوئية والأولوية، والتجاوز الخطير والقيادة في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول.
وساهمت البنية الطرقية الضعيفة، خاصة بالمدار الحضري، في الرفع من حوادث السير. وأكد كريم غلاب هذا الأمر بقوله إن «الوزارة لاحظت ارتفاعا في عدد قتلى حوادث السير بالوسط الحضري»، وأرجع غلاب هذا الارتفاع إلى «الإفراط الكبير في السرعة، وهو الأمر الذي دفع بالوزارة إلى دق ناقوس الخطر والمطالبة بتعزيز نظام المراقبة».
ففي مدينة الدار البيضاء، على سبيل المثال، التي تسير بها ما يناهز 1.5 مليون عربة في اليوم، ساهمت الأوراش التي إطلاقها، خصوصا مشروع «الترامواي»، وإصلاح الطرقات، وتحويل مسار شبكات الصرف الصحي والقنوات المائية التحت أرضية، فضلا عن تفشي ظاهرة الباعة المتجولين... في تدهور حالة الطرق وبالتالي ارتفاع عدد الحوادث السير.
ومن العوامل كذلك التي ساهمت في ارتفاع حوادث السير، هناك الحمولات الزائدة التي تقوم بها شاحنات نقل البضائع، التي صارت بمثابة القاعدة، في غياب أي إجراءات زجرية. وكان من جملة الذرائع التي سِيقت لتبرير هذا السلوك، الحيلولة دون ارتفاع أسعار الخضر والفواكه ومواد البناء بالسوق المغربية في حالة تطبيق بنود المدونة التي تعاقب على الحمولات الزائدة.
ويذكر أن وزارة التجهيز والنقل ترأست اللقاء السنوي الثاني للجنة الدائمة للسلامة الطرقية أواخر غشت الماضي واتخذت مجموعة من القرارات الهادفة إلى كبح نزيف حرب الطرق، في مقدمتها التصدي للإفراط في السرعة، إذ تنوي تعزيز نظام المراقبة بشراء ألف جهاز رادار، ومراقبة قواعد السير، وفرض احترام ساعات العمل والراحة بالنسبة لمهنيي قطاع النقل ومحاربة القيادة تحت تأثير الكحول عن طريق اعتماد جهاز مراقبة نسبة الكحول لدى السائقين بواسطة جهاز «ألكوتيست».
محمد أرحمني